العددان ١٨-١٩ خريف ٢٠١٧ / شتاء ٢٠١٨

النساء في الثورة الروسية

عن العمل والحرية والحب

النسخة الورقية

«إذا كان لا يمكننا تصوّر أنّ تحرّر المرأة يتمّ بدون الشيوعيّة، إذاً فلا يمكننا أن نتصوّر أن الشيوعيّة سوف تتحقّق بدون تحرّر المرأة»
إينيسّا آرمان

يقول الأنتروبولوجي الفرنسي موريس غودلييه في «أصول السيطرة الذكوريّة» إنّ إخضاع المرأة في المجتمع مرتبطٌ بالرأسماليّة قدْر ارتباطه بآليّات السيطرة قبل الرأسماليّة. والمقولات التي تتبنّاها بعض الأوساط اليساريّة والشيوعيّة من أنّ كلّ أشكال اللامساواة «محكومٌ عليها بأن تزول مع زوال الاستغلال الطبقيّ والإمبرياليّة والعنصريّة» لا توحي بأنّها صحيحة١. قبل غودلييه، كانت نساء الثورة البلشفيّة قد أدركْن ذلك جيّداً. وبعد أكثر من ستّة عقود على نشر «رأس المال»، وقرابة عقدٍ على الثورة البلشفيّة، سعَين إلى وضع الحريّة والعمل في مواجهة استلاب المرأة وظروف اضطهادها. فكيف يمكن للنّساء أن يمارسْن حريّة العمل، حسب إرادتهنّ، وتنمية شخصيّاتهنّ، والسّيطرة على الطبيعة من خلال التكنولوجيا الحديثة، إذ يدخلن عالماً يضجّ بالإمكانات الجديدة التي خلقتْها الثورة، وهنّ لا يزلن ضحايا السيطرة والاضطهاد؟

«إنّ إشباع كلّ الحاجات، واستطاعة كلّ شخصٍ أن ينمّي ميله الطبيعيّ للمشاركة في هذا الحقل أو ذاك، كلٌّ حسْب ذوقه وميوله، رجلا كان أو امرأة، وأنْ يتحرّر كلّياً من كافّة أنواع اضطهاد الإنسان للإنسان ويمتلك كلّ الإمكانات الجديدة المتوافرة للنّضال ضدّ قوى الطبيعة، وإحراز الانتصارات ضدّها، وتنمية الطّاقات الشخصيّة الإنسانيّة المتنوّعة - هذه هي تقريباً أبرز مَعالم المستقبل البرّاق والحقيقيّ وبعيد المنال... فهل يمكن أن يتحقّق ذلك في ظروف اضطهاد النساء؟»٢.

تعلّمنا الماركسيّة، بما هي «فلسفة الممارسة»، الطريقة التي بها تتّخذ الأفكار طريقهَا إلى التنفيذ مثلما تعلّمنا ما الذي نتعلّمه نستفيده من تلك الأفكار، وتعلّمنا الماركسيّة أيضاً أنّ الثورات تقرّبنا من القبض على المعاني المختلفة للحريّة. على العموم، هذا ما تُلقي الثّورات، والدّراسات عن الثّورات، الأضواء الكاشفة عليه. بهذا المعنى أيضاً كانت ثورة ١٩١٧ البلشفيّة «ثورةً هزّت العالم». فجميع من ساهم فيها، أو كان شاهداً عليها، أو قرَأ أو كتب عنها، ولو بعد قرنٍ من قيامها، صار بإمكانه أن يشاهد العالَم وأن يرى إليه بطرائق لم يكن يعرفها من قبل، وهذا ينطبق على الرّجال كما على النّساء. من هنا كان الاعتراف بأهمّيّة النّساء والجندر في تاريخ الثورة الروسيّة لا علاقة له بالاستقامة السياسيّة. إنّه مسألة دقّةٍ تاريخيّة٣.

يوم المرأة العالميّ ١٩١٧

إنّ عاملات النسيج هنّ من أطلقن شرارة الثورة في اليوم العالميّ للمرأة في ٨ آذار / مارس ١٩١٧. أعلنت العاملات الإضراب في حيّ فابورغ في بتروغراد غير آبهاتٍ بكلّ تحذيرات زملائهنّ الذين شعروا بأنّ الاحتجاج سابقٌ لأوانه. وبعد ساعات، سارتْ تظاهرة نسائيّة نحو مجلس الدّوما البلديّ تطالب بالخبز. وعندما التقتْ مطالبهنّ الاقتصاديّة بالمطالب السياسيّة الداعية إلى وضْع حدٍّ للحرب، وقد حملَت الحرب العالميّة الأولى الكوارث على سكّان الإمبراطوريّة الروسيّة، كانت النتيجة فاتحةً لعهدٍ جديد. بعد أيّامٍ تنحّى القيصر نيقولا الثاني، وأنهى بذلك سلالة رومانوف الإمبراطوريّة الروسيّة، وتشكّلتْ حكومةٌ جمهوريّة مؤقّتة.

منذ ذلك الثامن من مارس / آذار لم تعُد العاملات مجرّد الشرارة التي أطلقت الثورة، صارتْ جزءاً مكوّناً من الثورة ذاتها. كانت النساء ثوريّات بذاتهنّ. ومع أنّ مساهمة البعض منهنّ تُذكر في العادة، مثل مساهمة ألكسندرا كولونتاي وإينيسّا آرمان، نادراً ما توضع «المسألة النسويّة» في مقدّمة البحث. وهي مسألةٌ لا تزال إلى يومنا هذا مسألةً معقّدةً يصعُب تفكيك عقَدها وتعريفُها وفهمُها. وكما تقول شيلا روبوثام «بدا لمفسّري الثورة الروسيّة أنّ ثمّة مسائل أخرى أكثر أهمّيّة من المسألة النسويّة. مع ذلك فإنّ أثر الثورة على النساء كان له دلالاتٌ تتعدّى بكثير تلك التي تتعلّق تخصيصاً بتحرّر المرأة. إنّ العالَم الذي فتحتْه الثورة على مصراعَيه للنّساء لا يمكن فصله عن ذلك الذي شرّعته للرّجال. وهذا ما تمّ تناسيه لأنّ الثورة توصف من خلال عيون الرجال»٤.

إنّ تعريف «المسألة النسويّة» وتفسيرها قبل ثورتي العام ١٩١٧(ثورة شباط / فبراير وثورة تشرين الأول / أكتوبر) وخلالها وبُعَيدها مهمّةٌ جبّارة بسبب صعوبتها وحيويّتها في الآن ذاته. فيما يلي مساهمة متواضعة في النّظر إلى الأسباب التي دفعت النساء إلى الانتفاض في العام ١٩١٧، وإلى القيام بدَورهنّ خلال الثورة. وسننظر فيها أيضاً إلى إنشاء «الجينوتدل» Genotdel - «مكتب النساء» التابع للّجنة المركزيّة للحزب البلشفيّ - والتشريعات عن عمل النّساء والرّعاية الصحّيّة والرفاه خلال العقد الأوّل من الثّورة، وأخيراً، العلاقة بين الحبّ والوعد بالحريّة التي وعدت به الثورةُ النساء.

العاملات ونساء النخبة المثقفة

نعرف النَّذَر القليل عن تاريخ الحركة العمّاليّة النسويّة وجهودها التنظيميّة على امتداد السنين، فيما أصولُ مشاركة النساء في ثورتَي فبراير وأكتوبر، موثّقة بطريقةٍ أفضل. أعلنتْ روسيا إلغاء نظام القنانة (استعباد طبقة الفلاحين في عهد الإقطاع) في النّصف الثاني من القرن التاسع عشر. لكنّ النظر للمرأة وكأنّها من المقتنيات الفرديّة ظلّ سائداً في كثيرٍ من المناطق. ومن النّوادر الشائعة أنّ الأب عندما يزوّج ابنته يهدي إلى الزّوج سوطاً غالباً ما كان يعلَّق فوق السّرير الزّوجيّ ويستخدم للسّيطرة على المرأة وترويضها. وكانت الشابّة تنتقلُ من الخضوع لسلطة الأب إلى الخضوع لسيطرة الزّوج، وكثيراً ما كانت تحتاج إلى إذن الزوج في كلّ شؤون حياتها. وقضت الشرائع القيصريّة أنّ واجب المرأة هو طاعةُ زوجها بصفته رأس العائلة، وأن تكون محبّة ومبجِّلة له وخاضعةً في كلّ المجالات، وأن تُظهر له الطّاعة والعاطفة. الطلاق، باهظ الثمن والذي يحتاج إلى إذن من الكنيسة الأرثوذكسيّة، كان مستحيلاً عمليّاً. وفي الريف كانت النساء يعامَلن مثل الماشية، يثقلهنّ شظف العيش وظروف العمل.

كانت فترات الحمل والولادة تتخلّلها ظروفٌ فظيعة. في أشهُر الشتاء الطويلة، عندما كان الرجال يلازمون البيوت لأسابيع كاملة، كان لا بدّ من أنْ تحمل النّساء. كان الإجهاض يتمّ سرّاً فيما القابلات يستخدمْن المسامير للتخلّص من الأجنّة غير المرغوب فيها. وكثيرة كانت حالات الوفاة عند الولادة. المحظوظات فقط يَسلمْن، إذ كانت الولادة بذاتها مخيفة. ثمّة روايات عن نساء كنّ يستلقين على المدافئ أو على الأرض بين الصراصير فاسخات الأفخاذ تسحقهنّ أوجاعُ الطلق، وهنّ يحاولن إطلاق مواليدهنّ. وغالباً ما وَصَف مكسيم غوركي النساء وهم يولدن في الحقول والحفَر ولا يملكْن غير أسنانهنّ لقطْع حبل السرّة.

لم تكن أحوال النساء العاملات بأفضل حالاً بكثير. حتى العام ١٩١٢، لم يكن ثمّة تشريعٌ يحمي العاملاتِ في الصناعة (حيث لا ضمان صحّياً ولا إجازاتٍ مرَضية، لا حدود لساعات العمل، إضافةً إلى الأجور الزهيدة، إلخ.). كنّ يعملْن لساعات طويلة ويتقاضَين أقلّ من زملائهنّ من الرّجال وغالباً يُصرفْن من العمل عند الحَمْل. ولم يكن البغاء بممارسة نادرة بين العاملات فيما رجال الدّين يباركون أماكن ممارسة البغاء لحماية الرجال الذين يرتادونها.

كانت نساء الطّبقات الوسطى والعليا يعشن حياة مختلفة. فمعيشتهنّ مؤمّنة في الحدّ الأدنى، لكنّ ذلك لم يمنع تعرضهنّ للاضطهاد والتحكّم والسيطرة من قبل ذكور الأسرة، وقلّة منهنّ حظين بالتعليم. يلاحظ طارق علي عدّة نساءٍ من تلك الأوساط، تأثّرن بالحماسة الجذريّة الأوروبّيّة، وتمرّدن على نشأتهنّ البطريركيّة الصارمة على امتداد القرن التّاسع عشر. هنّ نساء أمثال فيرا فيغنر وفيرا زاشولتش وصوفيا بيروفسكايا وغيرهنّ من اللواتي التزمْن سياسيّاً وانفصلْن عن أسَرهنّ الأرستقراطيّة أو البرجوازيّة وأخذْن يطالبْن بالحقوق السياسيّة في سعيهنّ إلى دكّ أركان النظام القيصريّ وتحقيق الإصلاح المجتمعيّ. في حين كانت حقوق المرأة جزءاً من هموم تلك النسوة، لم ينشغلن كثيراً بأشكالٍ طوباويّة من مثل التحرّر الجنسيّ أو التغيّرات الجذريّة في ظروف عمل أخواتهن العاملات والفلّاحات. وسوف تأتي الحرب العالميّة الأولى لتبدّد ذاك النظام فتتولّى الثورة تعميق الانقطاعات التي ولّدتها الحرب٥.

النساء في الثورة

كانت الحرب العالميّة الأولى بمثابة الجائحة بالنّسبة إلى الإمبراطوريّة الروسيّة. غادر الرجال إلى الحرب وتولّت النساء الوظائف الشاغرة بغيابهم. فرضَت الحرب على النساء العمل في المصانع وفي البيوت في آن معاً. وبسبب ندرة الموادّ الغذائيّة والحاجات الأوليّة كان عليهنّ الاصطفاف في صفوفٍ طويلةٍ على مدى ساعاتٍ للحصول على رغيفِ خبز. وكثيراً ما كنّ يصطففْن لساعات طوال وينتهين بعدم الحصول على ما يسدّ الرّمَق. تطوّعتْ نساء عديداتٌ من النّخبة المتعلّمة للعمل كممرّضات. إنّ ظروف الحرب الماديّة التي مزّقت روسيا وفاقمت التّناقضات بين نساء الطّبقة العاملة ونساء الطبقتين الوسطى والعليا، أتاحتْ أيضاً التّقارب بين المتباعدات ولو لفترة وجيزة. فقد تلاقتْ مطالب نساء الطبقة العاملة بالخبز وتحسين ظروف العمل مع مطالب نساء النّخبة المُعارضات للحكم الاستبداديّ اللواتي يطالبْن بالحقوق السياسيّة ووضْع حدٍّ للحرب. وسوف تدفع الثورة والحرب الأهليّة تلك اللقاءات الى ما هو أبعد من ذلك. خدمَتْ نساء عديداتٌ في الجيش الأحمر بوصفهنّ ممرّضات، ومساعداتٍ، ومفوّضات سياسيّات وجاسوسات، بل إنّهنّ تسلمْن أحياناً مواقع القيادة العسكريّة والأمنيّة. حظيت النساء بمقدار من المساواة على تلك الصّعد، ومَن وقعتْ منهنّ في الأسْر لدى الجيوش البيضاء تعرّضتْ لوحشيّةٍ فاقتْ ما تعرّض له الذّكور، كأنّما هي عقوباتٌ إضافيّةٌ قد فُرضتْ عليهنّ لأنّهن تجرّأن على انتهاك ميادين مخصّصةٌ للذّكور. أمّا الأوجه الأخرى للنّضال النّسَويّ من أجل التحرّر والمساواة فكانتْ أقلّ وضوحاً وأكثر تعقيداً.

ألكسندرا كولونتاي من أبرز النّساء الثوريّات وقد عملتْ على تنظيم أوّل مؤتمرٍ للنساء العاملات في بتروغراد خلال الأسابيع الأولى من تشكيل الحكومة السوفياتيّة. شارك في المؤتمر أكثر من خمسين ألف امرأة من كافّة المناطق الروسيّة، وقد تفرّعتْ منه لجانٌ خاصّة تولّت مسؤوليّة توعية النساء على حقوقهنّ. ولمّا لم تنجح تلك اللجان في وضع الخطط لذلك وتنفيذها، وافقت الحكومة الثوريّة على إنشاء «قطاع العاملات والفلّاحات في الحزب الشيوعيّ» في العام ١٩١٩ الذي سمّي اختصاراً «جينوتدل» أو «المكتب النسائيّ»، وهدفه الأوّل العمل على تحرّر النّساء.

تولّت القيادة في «جينوتدل» نساءٌ ناضلنَ من أجل التحرّر في السنوات السابقة على الثورة: إينيسّا آرمان، ألكسندرا كولونتاي، صوفيا سميدوفتش، كونكورديا سامويلوفنا وكلافديا نيكولييفا، وكنّ يعرفْنَ مدى صعوبة المهمّة التي تواجههنّ. لم يتوقّعن نتائج مباشرة لكنّهنّ سَعيْن إلى تنفيذ المهمّات الأكثر إلحاحاً ودفْع الدولة إلى تحمّل مسؤوليّة الأعباء التي تُرهق كاهل النساء أكثر من سواها: حماية حقّ التّعلّم في ظروفٍ لائقةٍ والاهتمام بالعمل المنزليّ والولادة والحضانة. لم يكن «جينوتدل» يهدف إلى مجرّد توعية النساء على حقوقهنّ وممارستها. سعتْ كولونتاي إلى جلب النساء إلى النشاط السياسي. وقد أسهمتْ في تأسيس شبكةٍ من النوادي لمساعدة النّساء على تعزيز حضورهنّ وأدوارهنّ في النّقابات كما في الحزب والحياة العامّة. وكانت ترى إلى تلك النوادي على أنّها ذات أهمّيّة بالغة ليس فقط لدلالاتها السياسيّة وإنّما أيضاً لأنّها تزيد ثقة النّساء بأنفسهنّ وتمكنهنّ من مواجهة الرّجال الذين يتجاهلون حاجاتهنّ.

واجهت نساء «جينوتدل» التحدّيات الكبيرة. في بعض المناطق، تعرّضت مراكزهنّ المتواضعة للهجوم وتولّى رجالٌ تهديدهنّ بالعنف حتى عندما كانتْ نشاطات «جينوتدل» تقتصر على توفير دروس محو الأمّية للنّساء. وقد أُطلقت الكلاب على النساء في طريقهنّ إلى مكاتب «جينوتدل» وتعرّض البعض منهنّ للتشويه عن طريق المياه المغليّة وأحياناً إلى القتل وتقطيع الأعضاء من قبل أبٍ أو زوج أو أخ. في أقلّ من ثلاثة أشهر وقعتْ ٣٠٠ حادثة قتل في المناطق الشرقيّة من الاتّحاد السوفياتيّ، وقد صنّفتْها الدولة بما هي «جرائم معادية للثورة». ومع ذلك لمْ تستسلم الناشطات.

عملتْ «جينوتدل» على توفير نموذج من التحرّر الذاتيّ للنساء بديلاً من التحرّر الذي تفرضه الدولة. وقد فاقتْ نِسب نجاح ذلك النموذج نِسبَ إخفاقها. ومن دواعي الأسف أنّ النسويّات البلشفيّات واجهْن مقاومةً من رفاقهنّ البلاشفة الذّكور، فقد عارض عددٌ لا بأس به من الحزبيّين وجود «المكتب النسويّ» أصلاً وسعَوا إلى حلّه بحجّة أنّه يقسّم الصفوف الحزبيّة. وقد أيّده آخرون لمجرّد أنّهم وجدوا فيه وسيلةً لتهميش النساء البلشفيّات وإفساح المجال للرّجال كي «يقوموا بالعمل الحقيقيّ» داخل الحزب. وقد رأى عددٌ من الحزبيّين إلى النساء على أنّهنّ عاصياتٌ وغير منضبطات ومتخلّفات٦. إلّا أنّ أفعال النساء نطَقَتْ بذاتها تناهض تلك الأفكار المسبقة. من جهةٍ أخرى، ظهرت معارَضةٌ لتوجّهات وطموحات البلشفيّات الروسيّات من يساريّاتٍ من أوروبا وسائر الأمم، فكان للمناضلة المنشفيّة فيرا زاشولتش والثوريّة الألمانيّة روزا لوكسمبرغ آراء مغايرة فيما يتعلّق بالتحرّر الجنسيّ والعلاقات الأسَريّة. لم ينظرْن إلى هذا الجانب من تحرّر المرأة على أنّه يمثّل هدفاً لأغلبيّة النّساء قدْر ما هو «حَرفٌ للمسار في زمنٍ تواجِه فيه الإنسانيّة مهمّات جبّارة»٧.

أمّا لينين وتروتسكي فكانا متّفقَين على أنّ عمل «جينوتدل» لن يؤتي نتائج مباشرة. وحاجج تروتسكي من جهته عن ضرورة توفير أمثلةٍ تثبت للمتشكّكين فضائل إنشاء المكتب. لكنّه كان يشدّد باستمرار على موقفه بشأن أهمّيّة تحوّل الأسرة والعلاقات بين القاعدة الاقتصاديّة والبناء الفوقيّ، على اعتبار أنّ تغيير العلاقات الشخصيّة والعائليّة من العوامل التي من شأنها إطلاق المخيّلة والمبادرة الفنيّتين.

يكشف الحوار بين لينين والمناضلة الشيوعيّة الألمانيّة كلارا زتكن عدداً من آراء لينين في المسألة النسويّة. كانت زتكن معجبة بنشاط النّساء خلال الثورة وبعدها. وكانت ترى أيضاً إلى الحزب البلشفيّ والجينوتدل مثالاً يُقتدى بالنّسبة إلى الحركة الشيوعيّة النسويّة العالميّة. وقد وافقها لينين على ضرورة بناء حركةٍ نسويّةٍ أمميّةٍ قويّةٍ ذات قاعدة نظريّة ماركسيّة متينة لا تقوم الثورة من دون توافرها. في موضوع البغاء، رأى لينين أنّ المومسات «ضحايا مزدوجاتٌ للبرجوازيّة»: ضحايا منظومة المُلكيّة الفرديّة البرجوازيّة وضحايا نفاقها الأخلاقيّ. غير أنّ العمل على تنظيم المومسات، الذي تسعى إليه روزا لوكسمبرغ ورفيقاتٌ أخرياتً في الحزب الشيوعيّ الألمانيّ، «انحراف بغيض» عن الأولويّات الأخرى. بناءً عليه، عارض أيضاً تخصيص شيوعيّات مجتهدات معظم قراءاتهنّ ونقاشاتهنّ لقضايا جنسيّة والأشكال التي تتّخذها مؤسّسة الزّواج. قال:

«يبدو لي أنّ هذا الفائض من النظريّات الجنسيّة، ومعظمها فرضيّات، بل فرضيّات اعتباطيّة في الغالب، صادرةٍ عن حاجةٍ شخصيّةٍ. إنّها نابعة من الحاجة إلى تبرير حياةٍ جنسيّةٍ غير طبيعيّةٍ أو مغالية أمام الأخلاقيّة البرجوازيّة والمطالبة بالسماح. إنّ هذا الاحترام المستتر للأخلاقيّة البرجوازيّة منفّرٌ بالنّسبة إليّ قدر هذا التنقيب في كلّ ما يتعلّق بالجنس. مهما بدت هذه النظريّات متمرّدة أو ثوريّة فهي في نهاية المطاف برجوازيّة بالتّمام. إنّها ممّا يتعلّق به مثقّفون وامثالهم. لكن لا مكان في الحزب لذلك بين البروليتاريا الواعية طبقيّاً والمقاتلة».

عارضتْ زتكن آراءه عن الجنس والزّواج مؤكّدة أنّ الملكيّة الفرديّة والنّظام الاجتماعيّ البرجوازيّ والحرب تؤثّر في الحياة الشخصيّة والعلاقات الجنسيّة. وبالعكس، فالعالم القديم، آخذٌ في الانهيار بأفكاره ومشاعره وأحاسيسه بسبب الثورة. في ردّه، وافق لينين على تعيين زتكن للمسألة وتقديرها لأهمّيّتها، لكنّه انتقل إلى نقد نظريّة كولونتاي الشهيرة عن الجنس بما هو «كأس ماء»: «أعتقد أنّ نظرة «كأس الماء» الشهيرة غير ماركسيّة ومعادية اجتماعيّاً (...) ليست العلاقات بين الجنسين مجرّد تعبيرٍ عن التأثير المتبادل بين العامل الاقتصاديّ والحاجة الجسديّة، يجري انتقاؤها بمفردها للفحص الفيزيائيّ. إنّ محاولة نسْب تغيّر تلك العلاقات مباشرةً إلى الأساس الاقتصاديّ للمجتمع بمعزل عن علاقة ذلك بالإيديولوجيّة بشكل عامّ فكرةٌ عقلانيّةٌ وليست فكرةً ماركسيّة. بالتأكيد يجب الارتواء من عطش. لكن، هل يستلقي الإنسان الواعي في المجرور ويشرب من المستنقع؟ أو يشرب من كأس تمرّغت بحافتها شفاهٌ عديدة؟ إذاً، يبقى أنّ الجانب الاجتماعيّ هو الأهمّ (...) كشيوعيّ لا أميل إلى كلّ هذه النظريّة عن «كأس الماء» رغم عنوانها الجذّاب: «تحرير الحبّ». ليست الشيوعيّة مطالبةً بتحقيق التقشّف، بل بإشاعة الفرح والقوّة النابعَين، من بين أشياء أخرى، من حياة حبٍّ كاملة، في حين أنّ عيش حياةٍ جنسيّةٍ صاخبةٍ في أيّامنا هذه لن يجلب، برأيي، لا الفرح ولا القوّة. على العكس، إنّه سيعطّل هذا وتلك. وهذا أمر سيّئ، بل سيّئ جدّاً، بالتأكيد في زمن الثورة».

واستطرد لينين في حديثه للاستشهاد بكلمات عشيقته ورفيقته إينيسّا آرمان التي تشدّد على أنّ لا شيوعيّة من دون تحرّر المرأة، والعكس بالعكس. وميّز لينين بين النسويّة البرجوازيّة والثورة، مشدّداً على أهمّيّة النّضال البروليتاريّ، من خلال مكاتب مثل جينوتدل، لصالح العاملات، في المصانع كما في مطابخ كما في البيوت.

الإصلاحات القانونيّة

حملت ثورة أكتوبر البلشفيّة ١٩١٧ عدداً من التّغييرات القانونيّة الجذريّة، منحت النّساء حقوق العمل والحماية ودرجاتٍ أوسع من الحرّيّات الجنسيّة والإنجابيّة. بعد أشهر من قيام الثورة، صدر أوّل مرسومٍ يُلغي كافّة القوانين السابقة المتعلّقة بالأسرة وبسيطرة الدّين على الحياة الشخصيّة وتجريم المثليّين. لم تَعُد النّساء مقيّداتٍ بأزواجهنّ أو آبائهنّ. فقد أعلن المساواة بين الرّجال والنساء. واعتُبرت الزّيجات الدينيّة باطلةً واستُبدل بها الزّواج المدنيّ أو شراكات الأمر الواقع. بات الطّلاق ممكناً عند طلب أيٍّ من الزّوجين ولا حاجة إلى تقديم مسوّغات له. كذلك، أُلغي مفهوم الأولاد غير الشرعيّين في حال لم يكن باستطاعة المرأة أن تتعرّف إلى أبٍ لطفلها، وأُعطي الشركاء الجنسيّون السّابقون حقوقاً متساوية. والمقصود بذلك السماح بالانتقال من نموذج رعاية الأطفال الشخصيّ والفرديّ إلى نموذج أكثر جمعيّةً حيث يقع على عاتق الدولة الاهتمامُ بجميع الأولاد٨. وقد اعتُبر الأطفال جميعاً متساوين بغضّ النظر عمّا إذا كان أهلهم متزوّجين أم لا. بناءً عليه، أُلغي قانون التبنّي الفرديّ.

في العيد الأوّل من الثورة، أقرّت اللجنة التنفيذيّة للحزب بالإجماع «قانون الزواج والأسرة والحضانة» الذي دعّم تلك الإصلاحات وألغى التّمييز الممأسَس بين رجال ونساء في الأقلّ على مستوى الدولة. ولمّا كان القانون لا يزال يعترف بالزّواج، فقد رأى بعض النّقّاد إلى الاستمرار بالاعتراف بمؤسّسة الزواج بما هو استسلامٌ للبرجوازيّة. وبعد عامٍ من ذلك، أي في العام ١٩٢٠، كان الاتّحاد السوفياتيّ أوّل بلدٍ في العالم يَمنح حقّ الإجهاض.

سوف يتبيّن أنّ التحرّر القانونيّ لم يكن كافياً لإحداث تحوّلاتٍ مجتمعيّة أوسع وأكثر جذريّة. فيما كان العالم الخارجيّ يتغيّر، والمجتمع يعيش في ظلّ نظام شيوعيّ، ظلّ العالم الداخليّ للنّاس والأسَر عمليّاً على حاله. نهضتْ معارضاتٌ لتلك الإصلاحات القانونيّة، كما لمداها ومستتبعاتها. كان الهدف منها، في معظمها، إرساء أسسٍ ماديّة لمجتمعٍ شيوعيّ، وكانت النساء بحاجةٍ إلى أن تتحرّر من العمل المنزلي ورعاية أطفالهنّ للمشاركة في النشاط الاقتصاديّ وفي إنتاج الوفرة المطلوبة لتحقيق الحريّة. ورأت قلّة من الطوباويّين أنّ الهدف هو تحرير النّساء ببناء أسسٍ لعالَم تتوحّد فيه الحريّة والعمل والحبّ في ثالوثٍ واحد. عالمٍ تستطيع فيه النساء أن يُحببن كما يشأن فلا يكون الحبّ وسيلةً لاستيعابهنّ أو إجبارهنّ على تَناسي حاجاتهنّ والخضوع إرضاءً للشريك. في عالمٍ كهذا، حيث تسيطر النّساء على حياتهنّ وأجسادهنّ، سوف يتولّى المجتمع الشيوعيّ العناية بالأولاد وتسود الوفرة الماديّة والمشاعر الرفاقيّة وتتخلّص العلاقات الجنسيّة من طابعها المقدّس. وسوف يصير النّشاط الجنسيّ في الفكر والممارسة والسلوك نشاطاً عاديّاً مثل شرب كأس ماء. غير أنّ نظريّة كولونتاي «الحبّ مثل شرب كأس ماء» كانتْ سيّئة الطالع، تعرّضتْ لمنوّعاتٍ من سوء التفسير والتجنّي. فقد افتُرض بسذاجةٍ أنّ الرأسماليّة سوف تؤدّي إلى اضمحلال العائلة وولادة أنماطٍ جديدةٍ من المؤسّسات المجتمعيّة القائمة على الحبّ الحرّ. وكما تحاجج المؤرّخة شيلا فيتسباتريك، لم تعرف سنواتُ الثورة الأولى سيادةَ نسَق واحدٍ من النشاط الجنسيّ. تكاثرت وتفاوتتْ وجهاتُ النّظر في هذا الموضوع بين المواقف المتقشّفة والمواقف الطليقة والظرفيّة من الجنس والحبّ. وعلى العموم، مع أنّ النّاس شعروا بفسحات أوسع من الحريّة، فإنّ الأزواج والقلوب كانت لا تزال مكسورة. عانى الأيتام من مصاعب اجتماعيّة قاسية، ومع أنّ تجريم المثليّة ألغي، لم يكن من نقاشاتٍ علنيّةٍ في هذا الموضوع أو ممارسات علنيّة له.

في نهاية العام ١٩٢٠ ظهرت الخلافات حول «قانون الأسرة» بحدّة أشدّ وأعمّ. كان العديد من قادة الحزب يعتقدون أنّ سيطرة النساء على أجسادهنّ تهدّد معدّلات الخصوبة والولادة، الأمر الذي يعرقل إنتاج سكّان سوفياتٍ أقوياء ومنتجين اقتصاديّاً وعسكريّاً. فبدلاً من دعم الحريّة الجنسيّة يجب أن تكون القواعد الجنسيّة الحكوميّة والشخصيّة موجّهة نحو الجدوى المجتمعيّة. في العام ١٩٢٩، تقرّر حلّ «جينوتدل»، وفي العام ١٩٣٦ قلب ستالين معظم القوانين والمراسيم المتعلّقة بالأسرة رأساً على عقب، مانعاً الإجهاض وواضعاً عقباتٍ عديدةً في وجه حريّة الطلاق.

bid1819_malaf_image014_bw.jpg


تظاهرة لعمال وعاملات معمل بوتيلوف في اليوم الأول من ثورة شباط ١٩١٧

ماذا تبقّى من الحبّ؟

ألكسندرا كولونتاي مؤلّفة يجعلك اكتشافُها ترين وتفهمين العالم وحياتك الشخصيّة بطرائق لم تألفيها من قبل. في أعمالها الأخيرة، فيما هي تتأمّل مسار حياتها وإنجازاتها، كتبتْ أنّ التحرّر الفعليّ ليس ممكناً إلا بواسطة العمل. في رأي كولونتاي، أنّ النساء تخلّين لفترات طويلة عن كلّ شيء من أجل الحبيب، على أمَل بلوغ الكمال والانسجام الروحانيّين. وقد جنيَن في المقابل محاولات الرّجال فرضَ رغباتِهم وحاجاتهم الشخصيّة، وإلزام النساء على التكيّف معها. لم تجدْ كولونتاي حلاً لتلك المعضلة. في أواخر حياتها، دعت كولونتاي النساء إلى التحرّر من الحبّ، ذلك أنّه يحتلّ حيّزاً جسمانيّاً وعاطفيّاً أكبر ممّا يجب، وبلا كبير جدوى. وحريّ بالعمل أن يكون جوهر الحياة على الدّوام.

لقد نالت كولونتاي نصيبها من إضاعة الجهد والوقت والحبّ على رجالٍ سعَوْا إلى فرض إرادتهم الذاتيّة عليها، وجميعهم على حساب ما تسمّيه كدحها الشعوري - أي المسار الذي سلكتْه في مشاعرها وتطلّعاتها، الأمر الذي أدّى بها في الغالب إلى كبْت حاجاتها الذاتيّة من أجل تحقيق متطلّبات علاقاتها الغراميّة. لكنّ الحماقة الكبرى التي تعترف بها أنّها ظلّتْ تؤمن بالحبّ وبمركزيّته بالنسبة إلى الثورة وطاقته على تغيير العالم.

في مقال بعنوان «راديكاليّة الحبّ»، كتب الفيلسوف الكرواتيّ سريكو هورفات، وهو من تلاميذ سلافوي جيجك، أنّ المحادثات عن الحبّ قد واكبتْ معظم الانتفاضات السياسيّة والاجتماعيّة في القرن الماضي، من ثورة تشرين الأول / أكتوبر ١٩١٧ إلى أيار / مايو ١٩٦٨ إلى تجارب الحياة الجمعيّة. طوال تلك السنين، فيما كان ثوريّون راديكاليّون يسعوْن إلى قمع التعبير الجنسيّ وكبْت الحبّ، كان آخرون، أمثال كولونتاي، يناضلون من أجل إرساء الثورة على الحبّ. في المقابل، يلاحظ هورفات أنّ الحبّ غائبٌ إلى حدٍّ كبير في ثورات القرن الواحد والعشرين٩.

اليوم، تشكّل الحريّة والحقوق الجنسيّة مبدأين لا يتزعزعان للنّظام العالميّ الذي نعيش فيه، إلّا أنّ المعاني المُعطاة لهذا المفهوم وذاك تختلف جذريّاً عن تلك التي واجهتْها كولونتاي ورفيقاتُها النسويّات. في التركيز الحاليّ المضخّم على الفرديّة وعلى إشباع الحاجات الأنانيّة، ثمّة استحالةٌ للحبّ. ذلك أنّ الحريّة لا توجد إلّا في السوق. وعلى الرغم من أنّ الزّواج والعائلة في طَوْر التقهقر، فلا يزالان المؤسّستين المجتمعيّتين الأساسيّتين اللتين بإمكانهما أن تتكيّفا لاستيعاب حتى زواج المثليّين، وهو أمرٌ كان مستبعدَ التّصديق منذ بضع سنوات فقط. لا يزال الزواج الإفراديّ موضع تساؤلٍ على نحوٍ متزايدٍ حيث يمكن العثور على الحبّ أحياناً في أشكالٍ من العلاقات الحرّة أو في التّعدّد الطّوعي للشركاء الجنسيّين. لكنّ أوضاعنا الماديّة الحاليّة تطرح السؤال مجدّداً عن المعاني التي نضفيها على هذا الحبّ؟ في واحدة من المقالات الأثيرة لديّ عن الحبّ المعاصر أقرأ:

«ولكن مع أنّي أستمتع بالسّرير، يُغضبني الخداع: الحميميّة بدون كلفتها. وإني أعرّف ما هي الكلفة: كلّما ازددت حبّاً بك ازددت توحّداً... السؤال هو: كيف نحبّ؟ إنّه سؤالٌ شخصيّ بين الفرد والفرد، كثيفاً، حميماً، مخيفاً، روريّاً. وهو سؤال عالميّ أيضاً، غضوباً، رافضاً، متطلّباً، وعسيراً. ليس الحبّ عاطفيّاً. ليس الحبّ بدلاً عن ضائع. يتعيّن على النساء امتشاق السّلاح من أجل الحبّ».١٠

أيّتها النساء، امتشقْن السلاح من أجل الحبّ، ذلك أنّ الحبّ ثورة والثورة حبّ.

  • ١. «Maurice Godelier: The Origins of Male Domination». New Left Review I/127, May-June 1981. New Left Review, newleftreview.org/I/127/maurice-godelier-the-origins-of-male-domination.
  • ٢. Sofia Smidovich, a key member of the Genotdel - the Women's Department of the Secretariat of the Central Committee of the Bolshevik Party (Zhenotdel or Genotdel) cited in Tariq Ali. Dilemmas Of Lenin: Terrorism, War, Empire, Love, Revolution. London, 2018, p.525. وصوفيا سميدوفتش هي عضو «قطاع النساء (جينوتدل) في سكرتاريّة اللجنة المركزيّة للحزب البلشفيّ»
  • ٣. ««Weren't We Women First Out on the Streets?»: The Incomplete History of 1917». Versobooks.com, www.versobooks.com/blogs/3221-weren-t-we-women-first-out-on-the-streets-...
  • ٤. Sheila Rowbotham, «Women, Resistance and Revolution:
  • ٥. Tariq Ali, Dilemmas of Lenin: Terrorism, War, Empire, Love, Revolution, 2018
  • ٦. Elizabeth A. Wood, «Baba and the Comrade: Gender and Politics in Revolutionary Russia», 2001
  • ٧. Tariq Ali, p.514
  • ٨. Trudell, Megan. «The Women of 1917». Jacobin, www.jacobinmag.com/2017/05/women-workers-strike-russian-revolution-bolsh...
  • ٩. Sreko Horvat, The Radicality of Love, 2016
  • ١٠. Jeanette Winterson, «All I Know About Gertrude Stein». Granta Magazine, 17 Mar. 2017, granta.com/all-i-know-about-gertrude-stein/
العددان ١٨-١٩ خريف ٢٠١٧ / شتاء ٢٠١٨
عن العمل والحرية والحب

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.