العدد ١٦ - ٢٠١٧

فن العود المصري

انواعه، صنّاعه، عازفوه

يتناول هذا المقال الموجز بالعرض والتحليل أهمّ ما ورد في كتابات المستشرقين والعرب من آراء عن فنّ العود المصري منذ مجيء الحملة الفرنسيّة التي أدّت إلى خلق صورة كاريكاتوريّة خاطئة ما زالت تتردّد إلى يومنا هذا. نقصد بفنّ العود المصري هنا كلّ ما يتعلّق بتفاصيل الصناعة وأنواع الأعواد وإصلاحات الأوتار التي تشدّ عليها والقوالب الآليّة وتقنيّات العزف والزخارف اللحنيّة. ونعده مكملا للبحث الذي نشر على موقع مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقا العربية المصاحب لإصدار خاص بسلطان العود محمد القصبجي في خمسينية وفاته١. ونخصّ بالذّكر هنا تخلّف الصناعة والاكتفاء بعود خمسة أوتار مزدوجة، وعدم اللجوء إلى عزف المواضع (البوزيسيون) والعزف بإصبعين وتقنيّة الريشة ثابتة القوّة.

نبذة تاريخيّة

تشير مختلف الشواهد البصريّة والأثريّة٢ بالإضافة إلى الوثائق المكتوبة، إلى أنّ بزوغ «فنّ العود العربيّ» في مصر بدأ خلال العصرين الطولوني والإخشيدي، بينما لم يبلغ درجة عالية من الإتقان سواء على مستوى كمال الصناعة وتنوّع الأحجام والأشكال، أو على مستوى التلقين وتقنيّات العزف إلّا خلال العصر الفاطمي (٩٦٩-١١٧١). ولعلّ خير أمثلة على ذلك خلال القرن الحادي عشر هي:

  1. كتاب «العقود والسعود في أوصاف العود» لمؤلّفه صاحب الزيج الحاكمي العالِم الفلكي ابن يونس المصري صاحب الزيج الحاكمي الذي كان عازفاً ماهراً على العود (٩٥٠ - ١٠٠٩). وقد نقَل عنه، كما أورد المستشرق هنري جورج فارمر، كلٌّ من المؤرّخ المصري شهاب الدينالنويري (ت. ١٣٣٢) والشيخ محمّد شهاب الدّين مؤلّف «سفينة الملك» منتصف القرن التاسع عشر. وقد نقل ابن خلّكان عن أحد المنجّمين الذين اتصلوا بابن يونس «أنّه طلع معه مرّةً إلى جبل المقطّم، وقد وقف لرصد كوكب الزّهرة، فنزع عمامته وثوبه ولبس قميصاً أحمر ومقْنعة حمراء تقنّع بها، أخرج عوداً فضرب به والبخور بين يديه، فكان أمره عجباً من العجاب».

  2. كتاب «حاوي الفنون وسلوة المحزون» لأبو الحسن محمّد بن الحسني الشهير بابن الطحّان٣ (النّصف الأوّل من القرن الحادي عشر على الأرجح) الذي يُعدّ أحد أهمّ وأقدم المراجع التي تناولت صناعة العود بشكل تفصيليّ مقارنة بمن سبقه، وأوّل من ذكر العود ذا الأوتار المزدوجة، وهو أحد أهمّ التطوّرات التي طرأت على صناعة الآلة وأثّرت على نسب أجزائها وعلى رنينها. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ بعض نسب عود ابن الطحّان تتشابه ونِسَب العود المصري السبعاوي بأحجامه الثلاثة خلال القرن التاسع عشر٤. وكان ابن الطحّان أوّل من أشار إلى استخدام أنواعٍ مختلفة من الأعواد حسب طبيعة الصوت «وأحقّ من اختار الآلة: المغنّي بها إذا كان عارفاً، فإنْ كان جاهلاً اخيَرت له. والعود الجهير٥ يصلح لما يشاكله من الحلوق، والواطي يصلح للحلق الضعيف، والحادّ يصلح للحلق الصيّاح».

  3. مجموعة الوثائق المعروفة بجنيزا القاهرة٦ التي تتضمّن إحداها ثلاثة تمارين قصيرة للضّرب على العود من ثلاثة طرائق (مقامات) مختلفة يُعتقد أنّها تعود للقرن الحادي عشر. وتعدّ تلك التمارين وثيقةً تاريخيّة على درجة كبيرة من الأهمّيّة، فهي الثانية من نوعها بعد تمرين الكنْدي الشهير «ذكر طرق من جسّ الأوتار»٧ولكونها احتوت على بعض أسرار العزف على الآلة. خصّص إحداها٨ وهو من الطرائق المطلقة وإيقاعه «ثقيل الثاني» لتعليم تقنية «البصم»٩ بأصابع اليد اليسرى بالتّناوب مع حركة الريشة صدّاً وردّاً (أي نزولاً وصعوداً)١٠ والتي يبدو أن عازف العود الفذّ أحمد أفندي الليثي (١٨١٦ - ١٩١٣) قام بتطويرها إلى طريقة عزف متكاملة أصبحت من حينها أهمّ خصائص المدرسة المصريّة وإحدى أهمّ آليّات إثرائها وتطويرها على حدّ سواء كما تثبت العشرات من تسجيلات العزف المنفرد لكبار حُذّاق العُود خلال عصر الأسطوانة ١٩٠٤ - ١٩٣٧. و«البصمجي» كان أحد الأوصاف التي تطلق على عازفي العود المتميّزين في هذا الفنّ خلال تلك الحقبة كما ورد لدى إسكندر شلفون. وهم كلٌّ من محمد القصبجي والحاج سيّد السويسي وداود حسني وأمين المهدي والسنباطي وجورج ميشيل وعبد الفتاح صبري وغيرهم. وتتميّز النغمات المعزوفة ببصم أنامل اليد اليسرى بصوت أكثر ليونة ورنين أجزل فخامة وطلاوة من صوت الريشة اليابس١١.

استناداً إلى المصادر نفسها، احتفظ العود بمكانته حتّى نهاية عصر سلاطين المماليك، واستخدمت الموسيقى في الترفيه عن المرضى بالمارستانات، وخصوصاً آلة العود. فبعدما أتمّ السلطان المنصور قلاوون عمارة البيمارستان المنصوري (١٢٨٣ - ١٢٨٥) أقرّ في وقفه أن يحضر كلّ ليلة أربعة من ضاربي العود حتّى يساهروا الضعفاء وأجرى عليهم الجوامك (المرتّبات) في كلّ شهر١٢. وهو ما يذكّر به الشيخ شهاب الدين في سفينته «العود سلطان الآلات وفي سماعه نفعٌ للجسد وتعديل للمزاج وهذا علاج وأيّ علاج لأنّه يرطّب الأدمغة ويُنعش القلوب ويرزن العقول ويجلو الكروب وهو غذاء الأرواح وجالب الأفراح ومذهِب الأتراح»١٣. كما أصبح العازفون ينسَبون لآلاتهم كقولهم اتفاق العوادة وعلي العجمي العواد ومحمد بن عوينة العواد وغيرهم. كما اشتهر خلال تلك الحقبة مفهوم الرئاسة في العزف على الآلات وأشهرهم صارم بن باباي العواد. وهذا يدلّ على علوّ شأن الموسيقى الآليّة واستقلالها عن الغناء على عكس ما هو شائع.

لم يخف أحمد فارس الشدياق، الذي زار مصر للمرّة الأولى عام ١٨٢٦، إعجابه بفنون الغناء والعزف في مصر (باستثناء الناي). وقد حظي عازفو العود بالقسط الأعلى من التقدير والإشادة إذ كتب في «الساق على الساق» «ولهم في ضرب العود فنون تكاد أن تكون من المغيّبات». أمّا عمّن اشتهروا بضرب العود أوائل القرن التاسع عشر، فمصطفى الصيرفي الذي جاء في مدحه أبيات من الشعر أوردها الشيخ شهاب الدين.

العود السبعاوي بين فيوتو، إدوارد لين وفيتيس

«جعل العرب من طربهم مسألة أكثر صعوبة بكثير ممّا جاء عليه هذا الجانب عند أيّ شعب من الشعوب على الإطلاق، فمبادئ التطريب وقواعده معقّدة، حتّى إنّه لا يوجد قطّ مَن يتجاسر على التباهي بأنّه قد امتلكها بشكل عام».

يُحسب لأندريه غيوم فيوتو (١٧٥٩ - ١٨٣٩) صاحب القول أعلاه وعالم الحملة الفرنسيّة أنّه أوّل باحث يعمل بشكل نظاميّ على الشواهد البصريّة في المعابد المصريّة، بل ويعدّه البعض مؤسّس علم موسيقى الشعوب. وأنّه قدم وصفاً دقيقاً للآلات الموسيقيّة الشرقيّة وأجزائها باستخدام الميلليمتر كوحدة قياس، وقام بعمل رسومات متعدّدة لها. ويبرهن كلّ ما أورده فيوتو أنّ صناعة الآلات الوتريّة في مصر، خصوصاً القانون والعود، كانت قد وصلت إلى درجة عالية من الإتقان والتميّز قبل عقود من مجيء الحملة (١٧٩٨ - ١٨٠١) على عكس الفكرة التي روّجها المستشرق الفرنسيّ فولني في رحلته إلى مصر وسورية عن رداءة الآلات الموسيقيّة.

ذكر فيوتو في وصف مصر خمسة أنواع من الطنابير (الشرقي، التركي الكبير، البغلمة، البزرك والبلغاري) لا يستخدم الموسيقيون المصريّون أيّاً منها، إذ يقول: «نضيف أنّ هذه الأنواع من الطنابير لا تُرى في مصر إلّا بين أيدي الأتراك واليهود والأروام، وفي بعض الأحيان في أيدي الأرمن، لكنّها لا ترى قطّ في أيدي المصريّين» (الترجمة، الجزء التاسع، ص ٤٤). بينما لم يذكر إلّا نوعًا واحداً من الأعواد، ألا وهو العود السبعاوي وهو من الحجم المتوسّط. فهل نستنتج من ذلك عدم وجود أعواد سداسيّة وأحجام مختلفة وقتها؟

في كتاب «عادات المصريين وتقاليدهم» لإدوارد لين وصْفٌ مختصر لعود سبعاوي يشبه في كثير من الأمور عود فيوتو خصوصاً من جهة الحجم، والنسَب الهندسيّة الرئيسيّة للآلة، وإن اختلفا في بعض التفاصيل، منها على سبيل المثال عدد الأضلع المكوّنة للقصعة، وهو عنصر متغيّر يختلف من عود لآخر ويقرّره الصانع. أورد لين رسمين للآلة. الأوّل يشمل العود من منظورين:

1 أمامي في حالة الوقوف على الكعب١٤

2 ومن منظور جانبيّ يسمح برؤية عمق الصندوق الصوتيّ ونصف عدد الأضلع المكوّنة للقصعة المجوّفة. أمّا الثاني فيظهر العود في حالة العزف وقد استقرّ على فخذ العوَّاد الشابّ الذي أمسك الآلة بطريقة مائلة إلى الأعلى، وهو ما يتطابق مع وضعيّة عازف العود السبعاوي الوارد في بانوراما مصر والنوبة لفيكتور هوريو حوالى عام ١٨٤١. كذلك يتطابق مع رسم إدوارد لين، وهي وضعيّة العزف التي يصفها هنري جورج فارمر بأنّها «مصريّة» استناداً إلى عدد من الشواهد البصريّة خلال العصر الفاطمي وعصر النهضة.

أمّا العالم الشهير فرانسوا جوزيف فيتيس، الذي اقتنى بين عامي ١٨٣٩ و١٨٧١ أقدم عود مصريّ سبعاوي من الحجم الكبير١٥، فقد آثر في موسوعته الضخمة «تاريخ الموسيقى العام»، التي نشرت أجزاؤها الخمسة تباعاً بين عامَي ١٨٦٩ و١٧٧٥،أن ينقل من سابقيه مع بعض التحريف بالحذف والإضافة دون أن يذكر مصادره.

نقل فيتيس القياسات الأساسيّة والأوصاف (بما في ذلك عدد الأضلع المكوّنة للقصعة) والتسوية والأصابع من صديقه فيوتو (مع إضافة البنصر إلى كافّة الأوتار وهو ما سنتعرّض له لاحقاً). إلّا أنّه نقل رسومات العود التي أوردها إدوارد لين بعدما استبدل العازف الشابّ بشيخ عجوز وقام بمسح العلامة المستعرضة من على مرآة العود التي تعدّ من مميّزات العود السبعاويّ بمختلف أحجامه الّتي نلخّصها في النقاط الآتية١٦:

العنق: يخضع طول العنق لقاعدة عود ابن الطحان، أي إنّه أكبر من ثلث طول الوتر الرنّان. وينتهي بعلامة مستعرِضة لإرشاد السبّابة، تسمح بتحقيق ديوان كامل على وترٍ مطلق بانتقال واحد فقط وهو ما بيّنه ميخائيل مشّاقة في الرسالة الشهابيّة بشكل تفصيليّ. ثمّ إنّهم يجعلون علامة على أسفل صدر عنق العود مستعرضة تحت الأوتار من خشبٍ لونُه مخالف للون صدر العود يُحكمون وضعه بمكان ملاقاة الثلث الأوّل من رأس العود بالثلثين الأسفلين، أي إنّهم يقسمون المسافة الكائنة بين مطلق الوتر وبين الفرس المستعرضة على صدر أسفله المربوط بها طرفُ الأوتار إلى ثلاثة أقسام متساوية بالبيكار وغيره من الآلات القياسيّة ويجعلون هذه العلامة عند نهاية الثلث الأوّل. وهذه العلامة تفيد في أمرين مهمّين: أوّلاً أنّه إذا جسّ على الزوج الأوّل من محلّ العلامة ونقر عليه لكان صوته مماثلاً للزوج الثاني الذي هو الرست. وهكذا إذا جسّ على النّوى لكان صوته جواباً للدوكاه ثمّ إنّ الدوكاه يصير بهذا العمل جواباً للعشيران وبهذا العمل يحصل امتحان صحة الدوزان وفساده. الأمر الثّاني: أنّه إذا أراد الموسيقيّ أن يصعد بيده إلى الجواب لا يشذّ بوضع أصابعه على محلّ الجواب لأنّه ينقلها حالاً إلى محلّ الجواب الذي لا يرتاب في صحّته (الرسالة الشهابية، ص ٢٤ - ٢٥). ويبدو أنّ تلك «العلامة» كانت تستخدَم منذ عصر ابن الطحّان خلال القرن الحادي عشر وكانت تسمّى النقشة. قال ابن الطحّان «فأمّا النقشة فينبغي أن تهندم وتُرفَق ويُحكم إلصاقها وإلّا وقع الطزيز والفساد عند النزول إلى مركز الخنصر والنقشة، ويُكرَه فيه أن يكون عالياً أو مَخفيّاً بل مسطّحاً مستوياً».

الوجه: يمتدّ الوجه قليلاً فوق المرآة (يبلغ امتداد الوجه ١.٨ سنتم في عود فيوتو) وتقوم العلامة المستعرضة بدور أورغانولجي يتمثّل في فصل الوجه عن صفحة العنق. جدير بالذّكر أنّ هذا الأسلوب قد ظهر قبل العصر الإسلامي في مصر في صناعة ما يُعرف اليوم بالعود القبطي (انظر عود متحف نيويورك)١٧. ثمّ طُبّق بعد ذلك بقرون على العود الأوروبّي خلال عصر النهضة.

الشمسيّات ووضعيّتها والزخارف: تتميّز الأعواد السبعاويّة بوجود ثلاث شمسيّات لها وضعيّة خاصة، حيث إنّ محيط الشمسيّات الصغرى العلوي يتقاطع مع محيط الشمسيّة الكبرى السفلي ويمرّ تحتها قادوس (جسر) واحد لا يتجاوز سمكه نصف سنتم. ويحدّد قطرُ الشمسيّة الكبرى موضعَ ثلاثة من أصل ستة من القواديس١٨ التي تلصق خلف الوجه. كما شغلت الشمسيّات الصغرى بنجمة سداسيّة يعود أوّل ظهور لها في العود إلى عام ١٣٣٤ في نسخة القاهرة من مقامات الحريري، ومن ثَمّ في مخطوط كتاب الأدوار لصفيّ الدين الأرموي المؤرّخ عام١٣٣٥ ١٩. كما أنّ شمسيّة القانون الذي أورده فيوتو تحمل بدورها نجمة سداسيّة.

الرقمة ومادتها وامتدادها: تصنع الرقمة من جلد يؤخذ من أسفل بطن سمكة البياض في الغالب، والذي كان يُستخدم أيضاً خلال تلك الحقبة في صناعة الرقّ والقانون والكمنجة. وعرضها يماثل عرض الفرس، وتمتدّ حتى موضع الشماسي (تبلغ أبعاد الرقمة في عود فيوتو ١٠.٤ سنتم * ١٥.٨ سنتم وقد صبغت باللون الأخضر). يسمح ذلك بمساحة أكبر لضرب الريشة دون أن يحدّ من اهتزاز الوجه كما هو الحال مع الموادّ الخشبيّة.

الفرس: على شكل شارب. وتنطبق كلّ هذه المواصفات على العود السبعاويّ الصغير في لوحة المستشرق لودفيغ دوتش التي تحمل اسم «الموسيقي»٢٠.

غلاف العود: يبدو أنّ العود السبعاوي كان يحظى بحقيبة خاصّة تصنع على مقاسه لأنّ عود متحف بروكسيل شحن في حقيبة مماثلة كالتي وصفها فيوتو قائلاً «ويصنع غلاف العود بقدر من العناية يستحقّ منّا معه أن نتوقّف عنده، فشكله عند إغلاقه يشبه تماماً شكل الآلة نفسها، وهو مصنوع من خشب الصنوبر مغطّى بجلد من الحور مصبوغ باللون الأحمر، ومبطّن من داخله بورق مصبوغ بطريقة بدائيّة خشنة باللون الأحمر كذلك [...]» (الترجمة، ص ٣٠).

أمّا العود السداسيّ المصريّ المرجعيّ كما نجده لدى أحمد أمين الديك ومحمد ذاكر بك٢١ وكتاب العود لإسكندر شلفون والعديد من الأعواد الأصليّة، فيتميّز بما يلي (انظر العود الذي يظهر بين يدي صفر علي في كتاب مؤتمر الموسيقى العربيّة الأوّل):

العنق: يتذبذب طول العنق بين نسبتين، إمّا أكبر أو أصغر من ثلث طول الوتَر ولا يحتوي على علامة. ويغطّي التقاء العنق بالصندوق من الخلف بطوق يعرّفه محمد ذاكر بك في منهجه تحفة الموعود بتعليم العود كالتالي: «هو قطعة رفيعة تصنع من الخشب حزاماً للرقبة وتحته أطراف الضلوع المثبتة على الوردة الخشب الموضوع في مقدم القصعة من الداخل» (ذاكر بك، ١٩٠٢، ص ٥).

الوجه: يشغله شمسيّة واحدة كبرى (وهكذا في وصف ذاكر بك وغيره) غالباً ما يكون قطرها أكبر من مثيلتها في العود السبعاويّ للقرن الـ١٩ لاسيما في العود الكبير. ويفصل بينها وبين مرآة العود، حِلية يطلق عليها الحجاب وتعدّ جزءاً أصيلاً في مورفولوجية الآلة.

الرقمة: تأخذ رقمة الأعواد السداسيّة شكلاً مختلفاً تماماً وتتميّز بصغر حجمها وبوضعيّتها المائلة التي تحدّد ربّما اتجاه الضرب. يقول شلفون إنّها كانت تُصنع من خشب صلب «ومن الخطأ صنعها من أجسام ثقيلة صفيقة، فهذه تمنع قوّة ذبذبة الوجه فيضعف الرنين». ولهذا السبب نعتقد أنّ حجم الرقمة كان صغيراً جداً مقارنة بكافّة الأعواد. وامتلك كلٌّ من رياض السنباطي، محمد عبد الوهاب، صفر بك علي، محمد القصبجي، أم كلثوم وليلي مراد صوراً له. وحرص الرسّام المصريّ والموسيقيّ الهاوي حسين بيكار عام ١٩٣٥ على طلب عود بنفس مواصفات الذي يظهر في البورتريه الموقّع من أستاذه وصديقه أحمد صبري. وهناك صورة فوتوغرافيّة له مع الآلة في مرحلة متقدّمة من عمره٢٢. (انظر العود الذي يظهر بين يدي صفر علي في كتاب مؤتمر الموسيقى العربية الأول بالقاهرة عام ١٩٣٢).

إلّا أنّ متحف معهد الموسيقى العربيّة برمسيس يحتفظ بعود سبعاويّ رائع الصنع له مواصفات العود السداسيّ وإن كان عرض الرقبة والفرس وقطر الشمسيّة أكبر. وهذا العود له أهمّيّة تاريخيّة كبيرة بالغة لأنّه أحد أعمال المعلم حنفي الكيّال الشهير، أحد أعظم صنّاع العود في مصر خلال الثلث الأخير من القرن التاسع عشر والذي نعتقد أنّ وفاته كانت سابقة لعام ١٩٠٤ لأنّ الخلعي نعتَه بالمرحوم في كتابه الموسيقي «الشرقي» وذكر أنّ خليفته هو المعلّم رفلة أرازي الشهير. كان حنفي الكيّال يوقّع أعواده بشكل الشمسيّة المميّز، وبالتاج الملكيّ وفوقه الهلال على الوجه فوق الشمسيّة وبداخله لفظ الجلالة كما يُظهر أحد أندر أعواده السداسيّة٢٣. أمّا هذا العود، فهو موقّع باسم حنفي الكيّال تحت زخارف المرآة وفوق الحجاب بينما كتب داخل التاج «يا طرب».

bid16_p186.jpg


نبيذ وموسيقى، من مقامات الحريري، القاهرة، 1334

اصلاحات العود السبعاوي وأزمة المصطلحات

تمثّل التسويات المختلفة التي ذكرها كافّة المستشرقين والعرب للعود السبعاوي طوال القرن التاسع عشر أحد أكبر الألغاز في تاريخ آلة العود بلا أدني مبالغة (جدول رقم ١). في البداية، علينا أن ننوّه إلى أنّه في ظلّ المصطلحات الموسيقيّة المستخدمة خلال القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن الماضي، كان يكفي إضافة مفردة قب (وتكتب أيضا قبا) أو قرار، أو أراضي قبل اسم الدرجة لخفضها ديواناً كاملاً، وإضافة «جواب» ترفعها ديوان. إلّا أنّ معظم المؤلّفين كانوا يخلطون في الأسماء، ويظهر هذا جليّاً في تسوية أوتار القانون التي تغطّي ثلاثة دواوين وثلاث درجات. كما أنّ بعض درجات الديوان كانت تحمل أسماء مختلفة في مصر والشام (وهو ما تمّت الإشارة إليه في مؤتمر القاهرة للموسيقى العربيّة عام ١٩٣٢)٢٤ وبعضها يحمل عدّة مسمّيات. ويمكننا ملاحظة ذلك بسهولة بمقارنة سريعة بين أسماء درجات الديوان العربي لدى كلّ من مشاقة وكامل الخلعي (مثال: الكردان/دو٣ في مصر يعادلها الماهور في الشام، والماهور في مصر هي النهفت في الشام، الخ).

bid16_p187.jpg


أجزاء العود السداسي كما ورد في كتاب تعليم العود لإسكندر شلفون

على الرغم من طول المبحث المخصّص لدوزان العود إلّا أنّ فيوتو لم يورد أيّاً من طرق إصلاح الأوتار التي تستلزم جميعها تدخّل أصابع اليد اليسرى وأهمّها السبّابة والخنصر (في حالة الضبط على مقام جهاركاه) وتضاف إليها الوسطى في طريقة التصليح التي كانت تعرف بـ«القرارات والأجوبة» والتي كانت تخضع لترتيب محدّد. والأهمّ أنّه لم يذكر أيّاً من طرق التبديل بالأنامل٢٥. يتبيّن أيضاً أنّ الأوتار المطلقة في تسوية فيوتو تتشابه مع «الدوزان السلطاني» في آلة القانون.

يختلف دوزان مشّاقة عن مثيله لدى فيوتو في أمرين:

  1. أنّ مشّاقة ذكر تسوية مقلوبة كما لو أنّ الآلة التي يصف أوتارها كانت لعازف أعسر دون أن ينوّه لذلك٢٦.

  2. رفع تسوية الوترين الأوّل والثاني (السادس والسابع في عود مشاقة) بمقدار ربع درجة صوتيّة واستبدال قرار النوى بقرار الجهاركاه.

إذا سلّمنا بصحّة ما جاء في شأن تسوية العود السبعاوي فإن هذا يعني أنّ المدى النغميّ للأوتار المطلقة لهذا العود يغطّي ديواناً واحداً فقط في حالة فيوتو، وديواناً وبعداً طنينيّاً لدى مشّاقة. أي أنّ مداه النغمي أقلّ من الذي يتولّد عن العود العربي القديم المزوّد بأربعة أوتار والتي يبلغ مداها «ديوان كامل» و«ثالثة صغيرة». فما الحاجة إذن لهذا العدد من الأوتار إذا كان من الممكن الاكتفاء بأربعة أو خمسة فقط؟

كما يتبيّن لنا هنا، فلقد كان هناك ثمّة خلط في أسماء الدرجات وموقعها من جهة الغلظ والحدّة حتى بداية القرن العشرين. فتسويات العود السبعاوي التي قدمها عثمان الجندي في روض المسرات (١٨٩٥، ص ٨) نقل أوّلها عن مشاقة، إلّا أنّه أغفل إضافة كلمة قب قبل وتر الجهركاه٢٧. كما أنّه خلط بين الحسيني وقرارها العشيران في التسوية الثانية. ولقد نوّه أحمد أمين الديك في كتابه «نيل الأرب في موسيقى الإفرنج والعرب» (١٩٠٢، ص ٣٣) إلى هذا اللبس المصطلحي تحديداً في معرض حديثه عن تسوية الأوتار: «وأوتاره المستعملة خمسة هي: أوّلاً وتر الياكاه أو قرار النوا أو النهفت ي، ثانيا وتر الحسيني ح (الحقّ أن يسمى هذا الوتر قرار الحسيني أو وتر العشيران)»٢٨. والمفارقة هنا أن الرسم الذي أورده أحمد الديك واستعاره الخلعي في الموسيقا الشرقي يحتوي على وتر سادس يضبط على درجة الماهوران (فا3)٢٩ أي جواب الجهاركاه وليس كقرار لها كما أورد الخلعي نفسه في رسم آخر. ورجوعاً للتسوية الثانية للجندي، نعتقد أنّ هناك شائبة ما، لأنّ النهفة، التي تمثّل أوّل وآخر وترين، تعادل اليكاه في المصطلحات المصرية وهو بالتالي يذكر ثلاثة أوتار تسوي على نفس النغمة منهم اثنان متتاليان الا انه يقول «فيكون فيه نهفتان كل نهفة فيها لها عمل».

أما عن التسوية التي أوردها محمد ذاكر بك المحتوية على نهفتين، فهي ذاتها تسوية العود السداسي الذي كان أكثر شيوعا مطلع القرن العشرين مع إضافة وتر غليظ قبل الياكاه كان يضبط بحسب المقام المستخدم، وربما كانت تلك هي التسوية التي يعنيها الجندي. جدير بالذكر أن رياض السنباطي قد استخدم هذه التسوية في تقاسيمه من مقام السيكاه المسجلة لشركة أوديون عام ١٩٢٧ تقريبا اذ جاءت تسوية الأوتار الغليظة كالتالي: قرار سيكاه ثم يكاه. الا أن رائد هذا الفن هو محمد القصبجي الذي بدأ تسجيلاته عام ١٩٢١ بإحياء العود السبعاوي الى جانب العود السداسي مستخدماً إصلاحات بعضها قديم وبعضها مبتكر.

أسطورة العزف بإصبعين من فيوتو إللى نبيل اللو يبدو أنّ ما أورده فيوتو عن أصابع العود قد أسّس، من دون قصد، لأسطورة العزف بإصبعي السبابة والوسطى فقط على خمسة من أصل سبعة أزواج من الأوتار، أمّا البنصر فلا يستخدم بحسب المؤلّف إلّا على أغلظ وترين وهما اليكاه (المسمى قب النوى) والعشيران. كما ساهم فيتيس في تأكيد الأسطورة بعد أن نقل حرفيا عن فيوتو مع إضافة الإصبع الثالثة إلى كافّة الأوتار. ولإضفاء مزيد من الحبكة كتب فيتيس أنّ بعض العازفين في آسيا يستخدمون الإصبع الرابعة لاستخراج درجة الرابعة التامة لكلّ وتر مطلق، وأنّ عزف المواضع المتقدّمة لا يمارس نهائياً على تلك الأعواد بسبب قصر العنق وضخامة الصندوق الصوتي. ولقد تعرّض فيتيس إلى نقد لاذع من رؤوف يكتا بك في موسوعة الكونسرفاتوار (١٩٢٢، ص ٣٠١٧). أمّا المستشرق ج. روانيه فادّعى أنّ السبب وراء اكتفاء العوّادين بعزف النغمات الأساسيّة أثناء مصاحبة الغناء يعود إلى ضخامة حجم الرقبة التي تعيق حركة الأصابع.

تحتفظ مكتبة شيستر - بيتي بإيرلندا بمخطوط لعود سبعاوي يتطابق مع وصف عود فيوتو في عدد من التفاصيل الدقيقة والهامة (التسوية وترتيب ربط الأوتار في الملاوي). وهو المخطوط ذاته الذي زعم عازف العود نصير شمّة٣٠ أنّه للمعلم الثاني الفارابي المتوفّى ٩٥٠ ميلاديّة، ويعزى ذلك في المقام الأوّل إلى جهله التام بالمصطلحات الموسيقيّة للعصر العباسي ومصطلحات عصر النهضة من ناحية، وضعف إلمام بتاريخ تطوّر آلة العود من ناحية أخرى. يوضح هذا المخطوط طريقة التبديل بالأنامل على العود السبعاوي لعزف درجات السلّم الطبيعي (راست) على أوتار العشيران والدوكاه والنوا وكيفية عزف ديوان كامل على وتر واحد تليه نغمة جواب الجواب مباشرة، واختصر القول بعبارة «المبتدأ بالبنصر والختام بالسبابة».

أمّا قاعدة التبديل بالأنامل لدى مشّاقة فهي أصحّ وأدقّ على الرغم من التسوية المقلوبة لأنّها شملت ديوانين كاملين تبدأ بالمطلق أو السبابة وتنتهي بالخنصر. كتب مشّاقة:

«ثمّ يؤخذ النّوى مطلقاً من الزوج الثالث ويؤخذ الحسيني والأوج والماهور منه أي بالجسّ عليه للأوّل بالسبّابة وللثّاني بالبنصر وللثالث بالخنصر ثمّ يرفع الموسيقيّ يده على عنق العود إلى مكان العلامة الكائنة في ثلثه الأوّل المتقدّم شرحها وهناك يجس على الزوج الثالث بالسبّابة فيكون المحير ثمّ بالوسطى عليه أيضا فيكون البزرك ثمّ بالبنصر فيكون الماهوران ثمّ بالخنصر فيكون جواب النوى المسمّى رمل توتي» (ص ٢٥).

جدول رقم ١: الطرق المختلفة لتسوية أوتار العود السبعاوي منذ الحملة الفرنسيّة حتى أوائل القرن العشرين
  ذاكر بك مشاقة عثمان الجندي فيوتو ومخطوط شيستر بيتي
الوتر الأول عراق / سي ١ نصف بيمول قب جهاركاه / فا ١ جهركاه نهفة قبا دوكاه أو قبا سيكاه
الوتر الثاني سيكاه / مي نصف بيمول ٢ رصد / دو ٢ رصد / دو ٢ حسيني يكاه
الوتر الثالث عشيران / لا١ نوا / صول ٢ نوا / صول ٢ دوكاه / ري ١ عشيران / لا ١
الوتر الرابع دوكاه / ري١ دوكاه / ري١ دوكاه / ري ١ نوا دوكاه / ري ١
الوتر الخامس نوا / صول٢ عشيران / لا ١ عشيران / لا ١ كردان / دو ٣ نوا / صول ٢
الوتر السادس رصد / دو٢ بوسيلك / مي ٢ بوسيلك / مي ٢ قرار نوا / صول ١ كردان / دو ٣
الوتر السابع قب نوا - نهفت / صول١ نهفت نهفة نهفة قبا يكاه / صول ١ او قب جهاركاه / فا ١

 

 

جدول ٢: فنّ العود قبل وبعد الشريف محيي الدين حيدر وتلامذته كما وردت لدى نبيل اللو
  فن العود منذ القرن التاسع عشر تجديدات الشريف محيي الدين وتلامذته
الآلة عود مشدود عليه خمسة أوتار الآلة عود متقن الصنع مشدود عليه ستة أوتار مزدوجة
اليد اليسرى استخدام إصبعين اثنين من اليد اليسرى استخدام الأصابع الأربع إلىسرى في العزف على زند العود
عزف المواضع تبقى مساحة العزف محصورة على زند العود الظاهر من دون الدخول إلى منطقة تثبيت الزند على وجه العود العزف على الجزء الأخير من الزند الداخل في وجه العود باتجاه جسد العازف واستخدام تقنية الزلق في العزف على الزند
تقنية الريشة العزف بالريشة المصرية الثابتة الشدة (متوسطة القوة) في الضرب على الوتر من دون تمايز فيها استخدام ريشة من جناح النسر غليظة طويلة بعزف دقيق متنوع الشدة في الضرب على الوتر، ريشة تضرب صاعدة هابطة

يبدو أنّ ناسخ المخطوط لم يكن على دراية بفنّ العود بدليل هذا الكمّ من الأخطاء في تحديد مواضع الأصابع على العشيران والدوكاه والنوي. كما أنّ هناك بعض العبارات المبهمة بل والعبثية كقوله «كل قرار بالبنصر وكل أوج بالإبهام على مجرى التقسيم الموضوع على الأوتار». يذكر في المخطوط أن النهفت هو قرار النوى، وهو ما كان متداولاً في مصر كما ذكرنا أعلاه.

يتبين ممّا سبق، أنّ الروايات الخاصة بالعزف بإصبعين وعدم اللجوء إلى عزف المواضع غير صحيحة. ومن المؤسف أن نقرأ إلى يومنا هذا في بعض المراجع التي يفترض أنّها متخصّصة صدىً لنفس المزاعم العتيقة التي لا أساس لها. ويعد كتاب الباحث نبيل اللو (المتخصص في علوم اللسانيّات) الأخير الصادر في تشرين الثاني / نوفمبر ٢٠١٦ عن دار المعرفة «عود على العود»، والذي يعجّ بكافة أنواع الأخطاء التي يرقى أغلبها إلى حدّ الهرطقة، خير مثال على ما ذكرنا (انظر ص : ١٤٧ - ١٥١ و٢١٩ - ٢٢٠) يبدو لنا أن اللو يخلط (انظر جدول ٢) بين عدد من تقنيات الريشة وذلك لسببين:

أولهم، أن الريشة التي تضرب الوتر دون تمايز في الشدة يطلق عليها الريشة المقلوبة أو الضرب الدائري أو التدوير في مصطلحات الضرب خلال العصر المملوكي.

وثانيهم، أن الريشة التي تنوع في شدة الضربات وتسود فيها ضربات الصد كما وكيفا فهي «الريشة الهابطة» التي تنعت بالمصرية. كما أن تسجيلات محمد القصبجي التي سبقت تسجيلات الشريف محيي الدين حيدر٣١ بأربع سنوات على الأقل تظهر تباينا واضحا في قوة الضرب في التقاسيم والقوالب المؤلفة على حد سواء، كما تظهر استخدامات متطورة لعزف المواضع وتقنية الزحف أو الزحلقة التي كانت تعرف بالتوصيلات خلال عصر ابن سينا.

إنّ القراءة غير المتأنية لمراجع المستشرقين وعصر النهضة وعدم الاحتكام الى التسجيلات والأعواد الأصلية مع الاكتفاء بإطلاق الأحكام قد أدى الى قراءات مغلوطة لتاريخ فن العود المصري الذي عانى من التجاهل والتهميش لعقود من الزمان. ونذكر هنا بما قاله الموسيقي ابن الطحان عن علم العود المفروض لتعليم الموسيقى ومعرفة القوانين معتبراً إياه وسيلة امتحان من يدعي الحذق ومعرفة علم الغناء.

  • ١. عبد الله، طارق، «محمد القصبجي مجدد فن العود وأستاذ الأساتذة»، URL: http://www.amar-foundation.org/qasabgi-article/?lang=ar
  • ٢. عبد الله، طارق، «محمد القصبجي مجدد فن العود وأستاذ الأساتذة»، URL: http://www.amar-foundation.org/qasabgi-article/?lang=ar
  • ٣. ترجم له ابن سعيد في المغرب وقال: «ذكر القرطبي أنّه كان آية في صناعة التلحين، وأن معظم التلاحين المصرية صنعته، ووجدت ذكره في روزنامج [هكذا] المحادثة للشريف محمد بن الحسن الحسني الأغاسي، قال غنيت في مصر لابن الطحان في صنعته، أو قال شاهدته في مصر عند دخولي إليها في آخر سنة تسعة وأربعين وأربعمائة، وكان شيخا جميل البزة واللبسة، راكب حمارا من الحمر المصرية ذو سرج محلي ثقيل، وبين يديه مملوك، وله تقدم عند الوزير البازوري، وكان يعلم جواريه، وله كتاب جامع الفنون وسلوة المحزون في ذكر الغناء والمغنيين (ابن الطحان، أبو الحسن محمد، حاوي الفنون وسلوة المحزون، تحقيق، زكريا يوسف، بغداد، المجمع العربي للموسيقى، المركز الدولي لدراسة الموسيقى التقليدية، 1971.، ص ٢-٤)
  • ٤. حول أحجام وقياسات العود المصري انظر: محمود حمدي، صيانات: تاريخ آلة العود وصناعته ودوره في الحضارات الشرقية والغربية، دار الفكر العربي،1978، و ABDALLAH, Tarek, «Egyptian Ouds form 1800 to the 1930s», https://oudmigrations.com/2016/11/14/how-large-were-egyptian-ouds
  • ٥. الصوت الجهير هو الغليظ الذاهب في الأسماع
  • ٦. الجنيزة أو الجنيزا هو المكان الذي كانت تدفن فيه الوثائق التي لا يجوز إبادتها أو إهمالها في الكنيس اليهودي بعد كلّ فترة. وتعدّ مجموعة وثائق كنيس ابن عزرا بالقاهرة المكونة من ٢٠٠٠٠٠ وثيقة شملت الفترة ٨٧٠-١٨٨٠، من أهم الوثائق التاريخية، وقد كتبت بالعربية والعبرية والآرامية على الورق العادي، والبردى أو الأقمشة
  • ٧. الكندي، يعقوب بن اسحق: رسالة في اللحون والنغم، تحقيق زكريا يوسف، بغداد، 1965، ص 27-30
  • ٨. يتكون التمرين من اثنتي عشرة نغمة متساوية الأزمنة يمكن تقسيمها من جهة الضرب إلى ثلاث مجموعات (ثلاثية وثنائية ورباعية) إحداها متكررة الصيغة والتطبيق (الأولى والثالثة): صد بصم رد/ صد رد/ صد بصم رد/ صد صد رد صد.
  • ٩. ورد في معجم الألفاظ التاريخية في العصر المملوكي أن مفردة بصم «من التركية بصماق، أن يطأ الرجل لقدمه، وكذلك أن يضغط أو يطبع الأوراق المبصومة أي الأوراق المطبوعة بالختم ومنه بصموا منه نسخا، ولذلك سميت بصمة اليد»
  • ١٠. يقول حبيب حسن توما إنّ ضرب الأوتار يمكن أن يكون مفرد (7) أو مزدوج (87) ولذلك فإن العوادين العرب يميزون بين أسلوبين في الضرب: المزدوج المنتظم (7878) والمفرد غير المنتظم (888788). وأضاف توما أن البراعة العودية تستلزم من العواد أن يوازن بين استخدام الأسلوبين وأن التقاسيم هي أكثر الصيغ الآلية التي تسمح باختبار كفاءة العواد في فنون ضرب الوتر. والضرب المنتظم هو ما كان يطلق عليه الضرب الدائري لدى صفي الدين الأرموي وهو واحد من أصل خمسة فروع في ضرب الوتر خلال عصر المماليك. ورد في كتاب الميزان في علم الأدوار والأوزان (مؤلف مجهول من القرن الرابع عشر الميلادي) في الفصل المعنون «في أحوال النشاز» أهم شروط العواد الحاذق: «أن يكون انتقالات يده في فروع الوتر وقيل الأوتار أسلوبا مستقيما في الفروع الخمسة وهي التدوير والتضعيف والسقف والترجيع والجولان [هكذا] من غير تسفيع يقطع لذة النغم والتسفيع هو أنك تصيب وجه الآلة بالزخمة فمن الناس من يخرق سطح الآلة لطول التسفيع فيها»
  • ١١. وبالتإلى فإنّ ما أورده الباحث كريستيان بوخي في معجم الجروف الموسيقي (مدخل: «العود») من أنّ لمنير بشير الفضل في تطوير البصم باستخدام كلتا اليدين وجعله من جماليّات العود المعاصر عار تماما من الصحة
  • ١٢. لمعرفة المزيد عن الموسيقى وآلات الطرب خلال العصر المملوكي انظر وسائل الترفيه خلال عصر سلاطين المماليك وكتاب محمد قنديل البقلي الطرب في العصر المملوكي
  • ١٣. سفينة الملك، ص ٤٦٦
  • ١٤. ومنه جاءت تسمية يسار ويمين العنق في حالة ذكر تسوية الأوتار المتّبعة، وأعلى وأسفل في وصف الآلة مورفولوجيا
  • ١٥. حصل فيتيس على هذا العود ضمن مجموعة أخرى من الآلات بمساعدة قنصل بلجيكا العام في الإسكندرية اتيان زيزينيا الذي يطلق اسمه علي أحد أحياء المدينة ليومنا هذا. قامت الحكومة البلجيكية بشراء العود من ابن فيتيس وانتقل اول الأمر إلى كونسرفاتوار بروكسل قبل أن ينقل ويستقر في متحف الآلات الموسيقيّة. تضمّ مجموعة المتحف عوداً سداسياً من الحجم الصغير تم شحنه من مدينة الاسكندرية عام ١٨٧٩ ولا نعرف صانعه أو تاريخ صنعه
  • ١٦. كتب غطاس عبد الملك خشبة في كتابه آلات الموسيقى الشرقية أنّ العود الكبير هو العود السبعاوي «وتسميته كذلك ترجع إلى احتوائه على سبعة أزواج من الأوتار. الّا أن في هذا الزعم خلط بين نوع العود وحجمه. فنوع العدد يحدّده عدد الأوتار كالعود العربي القديم ذي الأربعة أوتار والعود الكامل ذي الخمسة أوتار والعود الأكمل (ستة أوتار) الذي ذكره اللاذقي وأخيرا العود السبعاوي الذي سمي أكمل المكمل. أمّا الأحجام فيحددها في الأساس طول الوتر الرنان والنسب المرتبطة به. ولقد علمنا أن طول الوتر الرنّان للعود المصري الكبير يبلغ ٦٤ سنتم»
  • ١٧. يوجد منه سبعة أعواد أصليّة بأحجام مختلفة في متاحف العالم (فرنسا، أميركا، ألمانيا ومصر) ويحظى هذا النوع من الأعواد منذ تسعينيات القرن المنصرم باهتمام علميّ كبير للغاية. ويعد الباحث هانس هيكمان أوّل من أبرز أهميّة العود القبطي في تطور الآلات الوتريّة. ظلّ فنّ العود القبطي المنفرد يمارس حتى فترة العصر الإسلاميّ، وكان العوّادون يشاركون في المسابقات الدوليّة التي كانت تنظم في كافة أنحاء الإمبراطورية الرومانية. وقد ابرزت إحدى البرديّات اسم عازف عود مصري فاز عام ٥٦٦ ميلاديا في مسابقة الكابيتوليا التي ضمت الموسيقى والشعر جنباً إلى جنب مع ألعاب القوى
  • ١٨. القواديس هي عوارض خشبيّة تحمل وجه العود من الأسفل وتختلف أطوالها بحسب حجم العود (٤٠ سنتم تقريبا للعود الكبير، ٣٣-٣٥ سنتم للعود المتوسط و٢٨-٣٠سنتم للعود الصغير). يبلغ عرضها أو ارتفاعها ٢ سنتم تقريبا وسمكها نصف سنتم
  • ١٩. قطاط، محمود، آلة العود بين دقة العلم وأسرار الفنّ
  • ٢٠. ABDALLAH, Tarek, «Egyptian Ouds form 1800 to the 1930s», https://oudmigrations.com/2016/11/14/how-large-were-egyptian-ouds/
  • ٢١. ولد محمد ذاكر بك في مدينة الإسكندرية عام وتوفي عام ١٩٠٦. كان أحد خريجي مدارس تعليم الموسيقى العسكرية التي أنشأها محمد علي وترأس الجوقة الخديوية وأول من روج لاستخدام علامات النوتة الموسيقية. الا أن ثقافته الموسيقية الأم كانت شرقية بحتة. ويعد كتاب تحفة الموعود بتعليم العود هو المنهج الوحيد الذي اتبع التقليد القديم في التعلم القائم على حفظ أسماء الدرجات والتيكاتوالنيمات مع حفظ صورتها في الذهن والقدرة على استدعائها دون اللجوء إلى آلة موسيقية. ذاكر، محمد: تحف
  • ٢٢. المرجع السابق
  • ٢٣. يعود تاريخ صنع العود إلى عام ١٨٨٠ حسب رواية المستشرق الفرنسي مارك لوبيوت الذي يقتني الآلة وقد تعرض إلى عملية ترميم وإعادة صنع الوجه بالكامل.
  • ٢٤. أعمال مؤتمر الموسيقى العربية، ص ٤٠٦
  • ٢٥. نلفت النظر هنا إلى أن فيوتو لم يكتب هذا الجزء إّلا بعد سنوات من عودته إلى فرنسا ولقد فقد العديد من أوراقه وملاحظاته بسبب غرق الحقيبة التي شحنها في البحر
  • ٢٦. ذكرت كتب التراث عن عازف عود أعسر شهير يدعي علوية كانت ترى أوتار عوده مقلوبة كما توجد العديد من الشواهد البصرية التي تظهر عازفي عود يستخدمون اليد اليسرى في الضرب من الرجال والنساء على حد سواء
  • ٢٧. كرر نبيل اللو الخطأ نفسه في كتابه الأخير عود على العود
  • ٢٨. الديك، أحمد أمين، ص ٣٣
  • ٢٩. كانت تدون وقتها دو٣ أي رابعة منخفضة
  • ٣٠. أشتهر هذا المخطوط إعلاميا بكل أسف بـ مخطوط عود الفارابي المثمن واستخدمه شمة في حفل مهرجان بعلبك عام ٢٠١٠، إلّا أنه اكتفى بالعزف لمدة ثماني دقائق كاملة كوكتيل لأغاني عبد الحليم حافظ الخفيفة على أربعة أوتار فقط
  • ٣١. بدأت تسجيلات الشريف في الخامس من كانون الثاني / يناير عام ١٩٢٥ في مدينة نيويورك (ثلاث أسطوانات)
العدد ١٦ - ٢٠١٧
انواعه، صنّاعه، عازفوه

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.