العدد ١٢ صيف / خريف ٢٠١٥

غَضَب إلكتروني بين شاشتيَن!

النسخة الورقية

لكم، لنا

خلال الاسابيع القليلة الماضية، جلست وحيدة امام شاشتين، شاشة التلفزيون أتابع الاخبار، وشاشة كومبيوتري أنفعل بالاخبار. دوّنتُ غضبي وصوّرته، وشاركته مع اصدقاء الكترونيا وشخصيا. نزلت الى الشوارع مع الالوف من الآخرين. والان، في هذه اللحظة التاريخية من حراكات البلد ونضالاته، انا صرت جزءا من «نحن». نحن نستعيد الشوارع، والبحر، والغابات، ونترك لهم الجدران، وعدادات الوقوف، والبوابات وأقفالها. هم يتقاسمون أرباح مراهناتهم ويمددون حكمهم بطريقة غير شرعية. ونحن نملك الشرعية والسلطة الشعبية.
هذه المرئيات والعبارات والافكار والقضايا نتاج عمل مشترك. إستلهِمتها وبلورتها ونفذتها بالتعاون مع اصدقاء. انها مجموع الانتصارات التي حققها هذا الحراك الى يومنا هذا، في عدد محدود من الاسابيع. نحن أوقفنا مناقصاتهم. نحن أسقطنا جدرانهم. نحن استولينا على المساحات العامة التي هي لنا. ونحن نطالب الآن بتمثيلنا شرعاً في الدولة.

جنى طرابلسي

نحن، هم 

اواسط المدن تكتسب اسماءها لأنها تجمّع للبشر. لا يجوز ان تملكها القلة، ولا ان تديرها او تسيطر عليها. ولا يجوز ان تكون في تصرّف القلة وحدها. انها حيث جميع السكان يمشون ويلتقون ويتسكعون ويشترون ويتوقفون ويلتقون من جديد. اواسط المدن هي حيث نحتج ونشاغب. وسوف تكون هكذا على الدوام. نحن لسنا الهوامش، نحن المراكز. هم وضعوا ضباط الامن، وبلوكات الاسمنت والحواجز. هم سيطروا على ارصفتنا وحدائقنا وساحاتنا العامة وخرّبوها. وهم من شيّد الجدران ضدنا وحول المساحات التي فيها نلتقي ونتوحّد.

اذا كان الشباب الفرنسي في ايار ١٩٦٨ حَلُمَ بالرمال تحت احجار الرصف في شوارع باريس، نحن، في آب/اغسطس ٢٠١٥، نستعيد ارض بيروت الذي صادرها من تحت أرجلنا من خصخصوا المساحات العامة في وسط بيروت. هذا هي المشاعر التي حاولت التعبير عنها بواسطة شعار «تحت رصيف سوليدير، أرضنا».
هذه ليست بيروت
في العديد من محادثاتي مع طلابي في الجامعة الاميركية في بيروت، ادركت اني اتحدث عن جمهور شاب لا يستفظع في معظمه كونه يعيش في مدينة وسطها مملوك فرديا. بوحي من هذه النقاشات، اعلنت وقائع ووصفت حالة: «هذه ليس بيروت، هذا لوغو لشركة خاصة تملك وسط مدينة بيروت». واللوغو المستخدم في الملصق قد صَمَمَته وإستحوذت عليه «سوليدير»، الشركة التي أتيت على ذكرها.
ليست هذه القضايا بهامشية بالنسبة للاحتجاجات. ان خصخصة الملكيات العامة تقع في صميم قضايا الفساد التي جرّحت السنوات العشر الاخيرة من حياتنا وفاقمت من استكانتنا وعجزنا. الى جانب المسابح الخاصة تقع شواطئ المسابح العامة الملوثة بنفايات المسابح الخاصة. وعلى هامش وسط بيروت الصقيل، تقع الاحياء الفقيرة الوسخة من بيروت، الملوثة بنفايات وسط المدينة الصقيل. تحت الجسور التي تربط المناطق التجارية من المدينة مع محيطها، اكوام النفايات حيث ننتظر الحافلات والڤانات والتاكسيات التي نستقلّها وجميعها مملوك فرديا - وجميعها تلوّث الهواء التي نتنشّقه.
هم الزبالة نحن الشارع
«شيلوا الزبالة من الشارع، هُم الزبالة، نحن الشارع». هذا هو الشعور الذي نتشارك فيه تحت هذه التورية الرخيصة لوطن نعيش فيه مطمورا تحت حكومته الوسخة الفاسدة.
غسيل أموالكم يلوّث بيئتنا
نحن الجيل الذي شاهد غسيل أموالهم واستنكرناه برد فعل ضعيف او معدوم او نتيجة مشابهة، الى ان طلعت ريحته الى مستويات لا تطاق.
مواطن وليس متواطيء
اخيرا، سقط القناع عن وجوهكم و«طلعت ريحتكم».
الذين لا ينزلون الى الشوارع ليدينوا ويصرخوا ويناضلوا كلهم متواطؤون. انا، نحن، الذين ندين ونصرخ ونناضل، نحن هم.

جنى طرابلسي

كيف ما في دولة؟

في الاسبوع الماضي، نزل الوف من اللبنانيين الى الشوارع تحت شعار «طلعت ريحتكم» للاحتجاج على الفساد السياسي والاقتصادي في البلد. نزلوا ضد محاولة متوحشة لتفريق الاحتجاجات وإسكات المشاركين فيها. بدأت التعبئة في تموز/يوليو ٢٠١٥ بسبب ازمة نفايات وايضا بسبب الحالة البائسة للخدمات العامة عموما، وشبكات الانتفاع والربح وايضا بسبب الشلل العام الذي المسؤول عن كل هذه الحالة.
١٨ آب/اغسطس منعطف في هذا الحراك عندما انتشرت أشرطة فيديو يشاهَد فيها رجال امن يهاجمون المحتجين. تضخم عدد المتظاهرين الى نحو عشرة الاف يوم ٢٢ آب/اغسطس، فتصاعد القمع الحكومي، واذا أشرطة فيديو جديدة يظهر فيها استخدام خراطيم مياه وقنابل صوتية وقنابل غاز ورصاص مطاطي. وقد جرى الاستعانة بالجيش الى جانب قوى الامن.
الذي يألفون السياسة في لبنان قد سمعوا تكرارا عبارة «وين الدولة؟». وهذا هو الواقع الذي تريد الفنانة والمصصمة الغرافيكية جنى طرابلسي لفت النظر اليه بواسطة هذه المجموعة الاولى من تصميماتها الغرافيكية عن عنف الدولة ضد المحتجين. في المجموعة الثانية من اعمالها، تلعب على فكرة «طلعت ريحتكم» التي اطلقها المحتجون لنقد فساد الطبقة السياسية. وطرابلسي ثابتة في ادانتها للعنف الذي يمارسه الامر الواقع بشكله البنيوي او الظرفي.

 

العدد ١٢ صيف / خريف ٢٠١٥

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.