العدد ١٥ - خريف ٢٠١٦

محاولة في فهم المقاومة الثقافية السّورية

النسخة الورقية

أذكر المرّة الأولى التي شاهدت فيها فيلماً لعمر أميرالاي، منذ أربع سنوات. كان هذ الفيلم بعنوان "طوفان في بلاد البعث". لم أستطع أن أصدّق أنّ فيلماً صُوّر بعد بضع سنواتٍ فقط من ربيع دمشق المقموع بدا منطقياً، بخلاف كلّ شيء آخر كنت أقرأه، وأراه، وأشاهده، وأسمعه بشأن سورية. "طوفان في بلاد البعث" (عام ٢٠٠٣) عبارة عن عملٍ فنيّ خالد. يختتم هذا الفيلم ثلاثيّة أميرالاي بشأن "سدّ الطبقة"، سدٌ ترابيّ شيّده نظام الأسد على نهر الفرات بين عامَي ١٩٦٨ و١٩٧٣، يقع على مسافة أربعين كيلومتراً من المنبع من مدينة الرقّة. عندما اندلعت الثورة السوريّة عام ٢٠١١، التجأ آلاف الأشخاص الذين هُجّروا من المناطق المجاورة كحلب وحمص وإدلب إلى الرقّة. في البداية، كانت قوّات نظام البعث تسيطر على المدينة التي سقطت بعدئذٍ على التوالي في أيدي الجيش السوري الحرّ، ثمّ جبهة النصرة وأخيراً تنظيم الدّولة الإسلامية في العراق وسورية. ومنذ ذلك الحين، أفضى التدخّل العسكريّ ضدّ تنظيم الدولة الإسلاميّة في العراق وسورية إلى جعل كلّ دولة في العالم تقريباً تقصف الرقّة يوميّاً، وكنتيجة لانتشار القوى كافّةً على الأرض وفي الجوّ، تُذبح الرقّة بصمت.

في حين عبّر أميرالاي عن إعجابه بمشروع حزب البعث التّحديثي في سورية في فيلمه الأول عن سدّ الطبقة بعنوان "فيلم محاولة عن سدّ الفرات" (عام ١٩٧٠)، شكّلت أفلامه اللاحقة ("الحياة اليوميّة في قرية سوريّة" عام ١٩٧٤، و"طوفان في بلاد البعث" عام ٢٠٠٣) فِعلَ ندمٍ إذ إنّه انتقد من خلالهما سياسات الحكومة الفاشلة ورفض نظام البعث تحمّل مسؤوليّة ذلك. أثناء مشاهدة فيلم "طوفان في بلاد البعث" بشكلٍ خاص، ومن خلال المِحَن التي مرّ بها سكّان قرية الماشي في منطقة منبج، ومدرستها الرسميّة، أدركت العواقب العميقة والمقلقة المترتّبة عن أربعين عاماً من حكم حزب البعث في الريف السوري حيث يُفترض أنّ النظام ادّعى تنفيذ مشروعٍ تحديثيّ بيْد أنّه بنى تحالفات متينة وقويّة مع زعماء القبائل التقليديّين. "طوفان في بلاد البعث" فيلم شاعريّ، وجميل ومرعب يُنذِر مسبقاً بالأحداث. أذكر أنّ نظرات أولاد قرية الماشي أسرتْني وأنا مدركٌة تماماً أنّ ثمّة ما يغلي تحت هذا الوجه الذي يبدو هادئاً. لا أحد عرف كأميرالاي كيف يمتصّ المأساة من خلال الكاميرا، وينقلها إلى المشاهدين الذين أسر اهتمامهم. توفّي أميرالاي في شباط/ فبراير عام ٢٠١١، قبل أسابيع قليلة من اندلاع الثورة السوريّة. أثار فنّ أميرالاي وما زال جدالاتٍ اجتماعيّة وسياسيّة وثقافيّة حادّة في الأوساط السوريّة، وفي المجتمعات السوريّة والشرق أوسطيّة عموماً. 

في السنوات الأخيرة، ازدهر الإنتاج الثقافيّ السوريّ الثوريّ بداية في بيروت، وبخاصّةٍ في العامين الأوّلين بعد بدء الانتفاضات، ولاحقاً في مدنٍ مختلفة في أنحاء أوروبا كافّة، مثال باريس أو برلين، التي تؤوي مئات الفنّانين والمثقّفين المنفيّين. في المقاهي والشوارع، يطلق الناس دعاباتٍ حتى، مفادها أنّ العاصمة الألمانيّة باتت الآن "العاصمة العربيّة للثقافة". ومحمد العطار، الكاتب المسرحيّ السوريّ الشابّ المعروف، عضو في هذا المجتمع النابض بالحياة، وبيروت سبق أن استضافت العديد من مسرحيّاته المقتبسة عن الثورة السوريّة. بدأت عروض العطار المسرحيّة في المدينة في أيار/ مايو عام ٢٠١١، مع "انظر إلى الشارع... هكذا يبدو الأمل"، بمناسبة استضافة مركز بيروت للفنّ مهرجان "نقاط لقاء ٦".

بما أنّ الثورة كانت في بداياتها، عمل العطار على مجموعة من "بوستات" الثوّار السوريّين وصورهم على موقع فايسبوك، أرفقها بمقاطع من مقالاتٍ كتبتها الروائيّة المصريّة أهداف سويف. عام ٢٠١٢، قدّم العطار مسرحيّته "فيك تطلّع بالكامير" على خشبة مسرح دوّار الشمس في الطيّونة، وذلك في عرضٍ استثنائيّ لليلة واحدة. وعام ٢٠١٣، عمل مع المخرج عمر أبو سعدة على مسرحيّة "حميميّة" التي عرضت للمرة الأولى على مسرح بابل في الحمرا، كجزء من مهرجان "أشغال داخليّة" الذي تنظّمه جمعيّة "أشكال ألوان"، الجمعيّة اللبنانيّة للفنون التشكيليّة التي تدعم الأعمال الفنيّة المعاصرة في لبنان وتنتجها. تتابع مسرحيّة "حميميّة" حياة ممثّلٍ سودانيّ داكن البشرة يهرب من العنف في دمشق بعد عام ٢٠١١، ويعود إلى موطنه بعدما أمضى عشرين عاماً في سورية. وأخيراً وليس آخراً، عام ٢٠١٤، عُرضت مسرحيّة العطار "أنتيغونا السوريّة" لثلاثة أيّام على مسرح المدينة في الحمرا. باستعمال مأساة سوفوكليس كنقطة انطلاق للمسرحيّة، تطرّق العطار وهو أحد الناشطين في مسرح المضطهدين، إلى مواضيع الحرب السوريّة من خلال تقديمه، وعلى خشبة المسرح، نساء سوريّات لاجئات يعشن الآن في مخيّمات صبرا وشاتيلا والبرج.

في وقتٍ سابق من هذا العام، اختتمت ليلى ربيع، الفنّانة في المسرح المعاصر وفرقتها المسرحيّة “Grenier Neuf" ثلاثة أسابيع من الإقامة في "مانشنMansion" في بيروت، من خلال عرض عملهم قيد التنفيذ على نصوصٍ كتبها العطار، وذلك بالتعاون مع "أرصفة زقاق"، برنامج النقاشات الشهريّة، وورش العمل، وعروض الفنانين الدوليّين، من تنظيم الفرقة المسرحيّة والجمعيّة الثقافيّة اللبنانيّة "زقاق". قدّمت مسرحيّة "وقائع ثورة يتيمة" التي عُرضت أمام جمهور بيروت المتعطّش، المحشور على مقاعد مؤقّتة في القاعة الرئيسيّة الضخمة في "مانشن" المزوّدة بتجهيزات صوتيّة قويّة، أداءً لمدّة ساعة ونصف الساعة لثلاثة نصوص مؤثّرة كتبها محمد العطار: "أونلاين" (عام ٢٠١١)١و"فيك تطلع بالكاميرا" (عام ٢٠١١)٢،و"يوسف مرّ من هنا"(عام ٢٠١٣)٣

تحديات ومصاعب

كثيرة هي التحدّيات التي تواجه تقديم أعمالٍ مماثلة في بيروت اليوم. فإلى جانب التوتّرات الاجتماعيّة والطائفيّة والاقتصاديّة والجغرافيّة السياسيّة التي تنعكس في أنحاء المدينة كافّة، كان على ليلى ربيع أن تتنقّل بين صيغ ومحتويات مختلفة. عُرضت مسرحيّة "وقائع ثورة يتيمة" باللغتين الفرنسيّة والعربيّة. كذلك، كانت الشخصيّات تترجم بالتزامن مونولوغات وحوارات من اللغة العربيّة إلى الفرنسية أثناء أداء مسرحيّة "أونلاين". بالمقابل، عندما تمّ الإبقاء على اللغة الفرنسيّة باعتبارها اللغة الوحيدة أثناء أداء (فيك تطلّع بالكاميرا؟” و"يوسف مرّ من هنا"، شعر الكثير من الحضور، ممّن لا يجيدون الفرنسيّة، بالنفور ونهضوا وغادروا قبل انتهاء المسرحيّة. 

كان تصوير المراسلات التي تبادلها شريف وسلمى عبر البريد الإلكتروني في "أونلاين" رائعاً ومحزناً جدّاً لكنّه فقد قوّته أحياناً بسبب الترجمة الفوريّة المربكة إلى اللغة الفرنسيّة. وقد بدا أنّ اختيار اللغة العربيّة في أداء "أونلاين" يخدم هدفاً معيّناً. فبذلك، حاولت ليلى ربيع أن تعبّر عن أنّ سلمى، التي شاهدت تطوّر الثورة وقلقت على رفاقها من منزلها في باريس، كانت عالقة بين عالمين. الفرنسي من أجل الأمان الذي تقدّمه فرنسا، والعربيّ من أجل الثورة، والشكّ، وخطر أن تجوب شوارع دمشق بحثاً عن أصدقاء وأحباب مفقودين. وبذلك أصبح أداء المسرحيّتين الأخريين باللغة الفرنسيّة فقط مثيراً للشكّ. هل كانت مسرحيّة "وقائع ثورة يتيمة"موجّهة إلى جمهورٍ فرنسي غير عربي وحسب، أو في أحسن الأحوال إلى جمهورٍ عربي يتحدث اللغة الفرنسية؟ تساءلت عن الهدف من تنظيم عرضٍ مماثل في بيروت ودعوة الجمهور إلى التفاعل معه. 

في مسرحية "فيك تطلّع بالكاميرا؟" كان استخدام الكاميرات الموجّهة إلى زيد، وفرح والجمهور، وإدراج عرضٍ مباشر على جدران "مانشن" الشاهقة التي تكاد تلامس السماء خلاباً. لقد جذب اهتمام الجمهور إلى التبرّؤ من نورا. فالرّوابط العائلية التي تجمع بين الشابّة نورا وشقيقها غسان اللذين ينتميان إلى الطبقة الرّاقية تآكلت ببطء مع وقوفها في صفّ الثوّار فيما استمرّ هو بدعم النّظام. في الفيلم الذي كانت تحاول إعداده مع معتقلين سابقين تعرّضوا للتّعذيب وهم رهن الاعتقال، كانت لا تزال تجهل أيّ قصّة تريد أن تحكي. كشفت أحاديثها عن صراعاتها الشخصيّة أكثر منه عن صراعاتهم. كانت تتمرّد على والدها وشقيقها قبل أيّ شيء آخر. 

يؤكّد أداء ليلى ربيع في مسرحيّة "يوسف مرّ من هنا" أنّ عمل "غرونييه نوف" ما زال بالفعل قيد التطوير. كتبت ربيع أنّها لم تعش تحت الحصار، والقنابل ووحشيّة النظام. وقد صوّرت الكاميرا ما كانت تكتبه وعُرِضت رسائلها القصيرة على جدران "مانشن" ليقرأها الحضور. قالت ربيع إنّها لم تتمكّن من السفر إلى المناطق الشماليّة في سورية لتعيش مجدّداً رحلة فارس، فهي مثله غريبة في سورية. مع زملائها، تتساءل عن شرعيّتها وعن حقّهم في أن يخبروا قصّة الثورة التي استحالت الآن حرباً أهليّة. 

تمثّل العروض التي قدِّمت كأعمالٍ قيد التطوير فرصة لدراسة الفنّ لا كأداة إنّما كممارسة. فهي تسمح كما يخبرنا ريموند وليامز الناقد الثقافي من ويلز "باكتشاف طبيعة ممارسة معيّنة وشروطها". على الرغم من أنّ أداء "غرونييه نوف" كان جديراً بالثّناء، خصوصاً أنّ الكثيرين من أعضاء الفرقة غرباء عن سورية، شابته عيوبٌ بالغة الأهميّة أيضاً. فاختيارها النصوص واقتباسها إيّاها لا يتخطّى الادّعاءات السائدة في صفوف الصّحافيّين والباحثين على حدّ سواء بشأن الثورة. كذلك، هي تتبنّى التفسير الشائع للظروف، والأسباب والنتائج، والذي ينحصر بثلاثة مفاهيم سائدة: كسر حاجز الخوف، والشجار بشأن سرد الأحداث، وذاتية السوريّين المثقّفين الذين ينتمون إلى الطّبقة الوسطى، والأقلّيات الدينيّة. في حين أنّ هذه المفاهيم الثّلاثة جميعها بالغة الأهمّية، إنّ الثورة السوريّة والحرب الأهليّة التي تلتْها أكثر تعقيداً بكثير اجتماعيّاً وثقافيّاً وسياسيّاً واقتصاديّاً. فضلاً عن ذلك، جغرافيّاً، انحصرت النصوص بدمشق، إقطاعيّة الأسد، والمثلّث قرب الحدود السوريّة التركيّة وهو الآن بمعظمه تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلاميّة في العراق وسورية. يستطيع الفنّ تقديم المزيد على مستوى التحقيق، واكتشاف الوقائع، والاعتراف بها، وحتى توقع سير الأحداث.


مشهد من العرض الأول لمسرحية "فيك تطلع بالكاميرا؟" في سيول، كوريا الجنوبية، أيار\مايو ٢٠١٥، كتابة محمد العطار وإخراج عمر أبو سعدة.

في نهاية العرض، لم أستطع الكفّ عن التفكير في قرية الماشي، التي تقع تحديداً في المنطقة حيث اختفى صديق فارس في "يوسف مرّ من هنا". إلى جانب فارس وصراعات "غرونييه نوف" مع مسائل مرتبطة بالشرعيّة، وحقّها، كفرقة أجنبيّة، في التأمّل في هذه الثورة الّتي استحالت حرباً أهليّة، تساءلت عن مصير عائلة دياب الماشي، عضو البرلمان صاحب فترة الخدمة الأطول في العالم من عام ١٩٥٤ وحتى وفاته عام ٢٠٠٩، وأولاده الستّة عشر، وأحفاده الثلاثمئة، وابن أخيه الذي كان مدير المدرسة الابتدائيّة التي كان يديرها لصالح النظام في منبج. ماذا عن المدرسة؟ في مقالة بعنوان "عن انعتاق الكلام"، نشرت في مجلّة "بدايات" في ربيع عام ٢٠١٣، تذكّر العطّار بنفسه المدرسة وطلّابها. كذلك، رأى من خلال فيلم أميرالاي أنّ ترويض هؤلاء مهمّة مستحيلة وأنّ الثورة باتت وشيكة. 

يعرّف ريموند وليامز الهيمنة الثقافيّة على أنّها:"مجموعة كاملة من الممارسات والتوقّعات، تعييناتنا للطّاقة، وفهْمنا العاديّ لطبيعة الإنسان وعالمه. إنّها عبارة عن مجموعةمن المعاني والقيَم التي فيما يتمّ اختبارها كممارسات، يتمّ تأكيدها بشكلٍ متبادل كما يبدو.  وهكذا تشكل إحساساً بالواقع لدى معظم الناس في المجتمع"٤. أمّا ما نحتفظ به من أحداث، والطريقة التي نفسّر فيها الماضي، ونتخيّل أنفسنا في المستقبل، بما في ذلك الأشكال البديلة إنّما المقبولة للحياة الاجتماعيّة والثقافة، فتحكمها الثقافة (الثقافات) السائدة في عصرنا. في السنوات التي سبقت ربيع دمشق، أجرت الباحثة الأميركيّة ميريام كوك بحثاً بشأن معنى الثقافة ودورها في ظلّ ديكتاتوريّة الأسد الوحشيّة. فابتكرت مصطلح "النقد المفوَّض٥ المثير للجدل، وهو النّقد الّذي يتقبّله النظام والّذي يُستعمل لتشريع ورسم صورة ليبراليّة عن نفسه أمام المجتمع الدولي. عملياً، استُعمِل النقد المفوَّض رغم ذلك كمنفذ من قبل الكثيرين. كذلك، أدّى عمر أميرالاي نفسُه دوراً بارزاً في ربيع دمشق الذي قمعه النّظام. 

على المستوى العمليّ، إنّ الأعمال الفنيّة الّتي تنتجها تجمّعات الفنّانين العرب الذين يقدّمون أعمالهم بشكلٍ أساسيّ إلى الجماهير الغربيّة في طَور الازدياد. كذلك، تسعى الثقافة السائدة في أوروبّا إلى إجراء اختيارٍ واعٍ وتنظيم، وتعزيز الثقافات الناشئة بطريقة تعزّز هيمنتها الخاصّة. يـُذكر أنّ المقاومة الثقافيّة مضلّلة أكثر من أيّ وقتٍ مضى إنّما قد تتمحور حول بعض العناصر التي يمكن تحديدها. يستطيع الفنّانون أن يتخيّلوا العلاقات والمجتمع ويعيدوا تشكيلهما. قد يساعد الفنّ في تفسير التغيّرات الماضية، وإنتاج وهمٍ سياسيّ جديد، نرى فيه انعكاسات عن أنفسنا إنّما أيضاً إسقاطات لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع. في أبعاده الاجتماعيّة والسياسيّة، يستطيع المرء أن يأمل أن يخاطب الفنّ سكّان المنطقة في المقام الأوّل، ولعلّ بيروت هي الأمثل على هذا الصّعيد.

في تقريرٍ حديث، قدَّر المركز السوريّ للأبحاث السياسيّة أنّ ١١.٥في المئة من الشعب السوري قُتِل أو جُرِح خلال السنوات الخمس الماضية. بالنسبة إلى الجمهور الغربي، يوازي ذلك ثمانية ملايين شخص في بريطانيا. حجم المأساة هائل في أيّ عملٍ فنّيّ هذه الأيّام. لكن مرّة أخرى، قد يكون الفنّ أكبر من الحياة. 

  • ١. عُرضت مسرحية "أونلاين" كمجموعة من الرسائل الإلكترونية بين شريف، وهو أحد الثوار، وسلمى. تدور أحداث المسرحيّة في نيسان/ أبريل عام ٢٠١١. ينقل شريف إلى صديقته، وحبيبته المبعدة كما يبدو سلمى بدايات الثورة في دمشق. يضع ثقته بها ويخبرها عن مخاوفه وشعوره بالذنب حيال تخلّيه عن رفاقه الذين اعتقلوا. يخبرها أنّه مشتاق إليها. فترد عليه بدفء وقلق. لا تريد أن يصيبه أي مكروه، وهي تحبّه. شريف وسلمى ثنائيّ مفكّك. تفصل المسافات بينهما فيعيشان في عذاب في خضمّ الثورة الناشئة. يتوقف تبادل الرسائل الإلكترونيّة بينهما بشكلٍ مفاجئ عندما يخبر أمير، صديقٌ وثائرٌ آخر، سلمى أنّ شريف تعرّض للاعتقال.
  • ٢. تروي مسرحية "فيك تطّلع بالكاميرا" قصة غسان، ونورا، وفرح، وزيد. نورا شابّة من الطبقة الراقية تطلّقت حديثًً. بصفتها مخرجة طموحة، تحاول تجسيد تجارب أولئك الذين سجنوا واعتقلوا وتعرّضوا للتعذيب خلال الأيام الأولى من الثورة في دمشق. شقيقها غسان، محامٍ نافذ يقف بشدّة إلى جانب نظام البعث ولا يتّفق مع مشروع شقيقته وطموحاتها. أمّا فرح وزيد فهما مناضلان ثوريّان. فرح شابّة مسيحيّة اعتقلت بالقرب من باب توما، الحيّ المسيحيّ التاريخيّ في دمشق، بسبب توزيعها المنشورات، فيما زيد شاب تلقّى ثقافة إنكليزيّة وهو بارع في أمور التكنولوجيا كما أنّه قادر على السخرية من سجّانيه. حتّى إنه يخبر نورا أنّ سجّانيه لم يتمكّنوا من فهم كلمة المرور للولوج إلى حاسوبه لأنّها باللغة الإنكليزيّة، لغة لا يتكلّمونها ولا يفهمونها.
  • ٣. تستعيد مسرحيّة "يوسف مرّ من هنا" رحلة فارس، مهاجر سوري كان يعيش في دبي. يعود فارس إلى سورية للبحث عن صديقه الذي فُقِد في الرقّة. يسافر بالقرب من الحدود التركيّة السوريّة، بمحاذاة البحيرة التي شكلها سدّ الفرات. يزور منبج وحلب وأخيراً الرقّة قبل أن يقرّر أن الوقت قد حان بالنسبة إليه للمغادرة وعدم العودة أبداً.
  • ٤. Williams, Raymond. Culture and Materialism: Selected Essays. Verso 2005. P.43
  • ٥. ميريام كوك: Cooke, Miriam: Dissident Syria. Making Oppositional Arts Official، جامعة ديوك، عام ٢٠٠٧.
العدد ١٥ - خريف ٢٠١٦

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.