العدد ٢٢ - ٢٠١٩

بعد حداثتي

وأوّل محاولة لاغتيال رفيق الحريري

النسخة الورقية

أرجو أن يغفر جان - فرانسوا ليوتار لي وقاحتي لكتابة دراسةٍ تحمل مثل هذا العنوان. وهو الذي أبلغ القرّاء في مقدّمة كتابه «حالة بعد الحداثة» أنّ موضوعه هو «حالة المعرفة في المجتمعات الأكثر تطوّراً»1. ولعلّه يتساهل مع تلك الوقاحة لو درى بحالي. عشتُ، مثلي مثل كثيرين غيري، خلال صعود سرديّة عظمى في بيروت بعد النهاية الرسميّة للحرب الأهليّة عندما كنّا شهوداً على «هبّت رياح الحريري»2، وفْق لمحةٍ تستحقّ الذِكر لرئيس الوزراء الطرابلسيّ السابق عمر كرامي. هكذا ترى، يا عزيزي جان - فرانسوا، مع أنّه لم تنبت لنا أجنحةٌ لكنّ الريح كانتْ، لفترةٍ، تدفعنا من الخلف إلى غدٍ رحْبٍ يقوده مُقاوِلٌ من خارج المدينة وعَدَنا بتثبيت العملة الوطنيّة وبأن ينسينا زمن أكوام الرّكام. فبدا أنّ العاصفة قد هدأتْ وأنّ التقدّم ينادينا مثل عمٍّ رؤوفٍ من أعمامنا.

عندما هبّت رياح الحريريّة

عندما يستذكر المرء حقبةَ مجيء الحريري، والأصحّ إذ يراجع الصحافة اليوميّة في الشهور السابقة على تعيينه رئيساً للوزراء، ونَيل حكومته ثقةَ مجلس النواب يوم الجمعة في ١٣ تشرين الثاني / نوفمبر ١٩٩٢، يشاهد بالتأكيد، كما قد يتذكّر بقدْر من الغموض، تكرار صورةٍ وحيدة، قد تكون الصورة الرسميّة المجازة، لرفيق الحريري على صفحات الجرائد اليوميّة، تجاور إعلانات التهنئة بالمناسبات، هي صورة يغطّي بعضها صفحةً كاملة من الجريدة، نشرتْ بتمويلٍ من أفراد ومن رجالِ أعمالٍ في القطاع الخاصّ، تمتدح الرجل بما هو «الابن البار» و«قائد مسيرة إعادة الإعمار» و«رجل المستقبل» و«أمل لبنان». حصل ذلك على خلفيّةٍ من عمليّةِ سلامٍ أميركيّة متماديةٍ معقودة بين فلسطينيّين وإسرائيليّين، والاعتداءات العسكريّة للجيش الإسرائيليّ في جنوب لبنان، وحرب الخليج التي زعزعت استقرار المنطقة حيث كان بوسع المرء أن يشمّ، إن جاز التعبير، الدخانَ المتصاعد من آخر بئر نفط تمّ إطفاؤها في الكويت يوم ٧ تشرين الثاني / نوفمبر ١٩٩١، بالإضافة إلى حربٍ قرينة لحرب لبنان الأهليّة تجتاح يوغسلافيا.

في تلك الإعلانات، بدتْ صورة رفيق الحريري الريّان والودود تثقب مشهد الإحباط العامّ، فإذا هو خارجٌ على حلقة رؤساء الوزراء السُنّة السابقين المعروفين والمستهلَكين، وقد انعطب اثنان منهما بسبب التدهور المستمرّ للّيرة اللبنانيّة. الأوّل، عمر كرامي، استقال يوم ١٦ أيّار / مايو ١٩٩٢ عندما بلغَت العملة المحلّيّة أدنى قيمتها أي ١٦٢١،١١ ليرة مقابل الدولار. ولحق به رشيد الصلح الذي استدعي للإشراف على أوّل انتخاباتٍ نيابيّةٍ بعد انتهاء الحرب الأهليّة وقد قاطعتْها الأحزاب المسيحيّة مقاطعةً جماعيّة. صمدتْ حكومتُه لخمسة أشهر فقط وسقطتْ لمّا تعرّضت العملة المحلّيّة لانهيارٍ مدوّخ غير مسبوق في تشرين الأوّل / أكتوبر ١٩٩٢عندما بلغ الدولار ٢٢٤٨،١ ليرة3. كانت «رياح الحريري» تهبّ بقوّةٍ وثباتٍ في خريف ١٩٩٢ لا ينافسها منافِسٌ داخليٌّ وتحظى فوق ذلك بدعم الأنظمة الإقليميّة. وكانت محنة المخطوفين الأجانب قد انتهت، في حزيران / يونيو، وعاد لبنان إلى حضن أسرة الأمم.

تقدّم الحريري بثبات لتحقيق برنامج إعادة الإعمار الذي وَعَد به. يرى المبرِّرون، بالأمس واليوم، أنّه نفّذ معظم وعوده وأنّ المزيد كان معدّاً للتنفيذ لولا التغيّر الذي طرأ على السياسة السوريّة في عهد بشّار الأسد وحلفائه في لبنان. ويحاجج هؤلاءِ بأنّ الحريري أطلق في العام ١٩٩٣ مشروع إعادة إعمار - «افق ٢٠٠٠» - وَضعتْ له ميزانيّةٌ من ٢٠ مليار دولار، وأنّه نجح في تزخيم الاقتصاد من خلال ارتفاع قويٍّ في نسبه نموّ الناتج المحلّيّ وصل إلى ٨٪ العام ١٩٩٤ 4 وأنّه أعاد بناءَ وسط بيروت التجاريّ بواسطة شركة «سوليدير»5 وأعاد فتْح البورصة في كانون الثاني / يناير ١٩٩٦ 6. وهؤلاء المبرِّرون هم أنفسُهم الذين يدعمون ميراث الحريري في مواجهة سنوات الرئيس إميل لحود ورئيس وزرائه سليم الحصّ الكارثيّة عندما انهار الاقتصاد الوطنيّ بقيادتهم في العام ١٩٩٩ وأنتج نموّاً حقيقيّاً سلبيّاً قدْره ١٪ تحت الصفر7. وبغضّ النظر عن الأرقام التي عادةً ما تُنتج المزيد من الأرقام، يرى كثيرون أنّ وعد الحريري لا يزال مستمرّاً. ليس هذا هو رأي رسّام الكاريكاتور بيار صادق الذي عاد إلى أسرة تحرير «النّهار» اليوميّة مطلع العام ١٩٩٢ بعد انقطاع ما يقارب ١٨ سنة ورأى في الحريري أنّه قابعٌ منذ نهاية ١٩٩٢ في البنية الفاسدة للسياسة المحلّيّة والإقليميّة.

الحريري بريشة بيار صادق

انتزعنا ستّة رسوم كاريكاتوريّة نشرَها بين تشرين الأوّل وتشرين الثاني / أكتوبر وديسمبر ١٩٩٢، في سياق مختصر، وبغضّ النظر عن التقارب الذي انعقد لاحقاً بين الرسّام والحريري، وهي ترسم بأناقةٍ سيرةً سياسيّةً مختصرة لرئيس الوزراء: في تشرين الأول / أكتوبر استقبله رئيس الجمهورّية بعبارة «أهلاً بك في بيتك». وفي نهاية الشهر ذاته إذاً الحريري قرْص عسلٍ يحوم حوله قفير نحلٍ من المتملّقين. مطلع تشرين الثاني / نوفمبر والحريري يملك الثقة الكافية ليوجّه إبهاماً متضخّمةً إلى أسفلَ زاعماً أنّه الخيار الوحيد وإلّا فالأمّة مهدَّدة بحريقٍ كاسح. في نهاية الشهر عينه، يصير الحريري هو «الدرع» الحامي لرئيسٍ خجول. في كانون الأوّل / ديسمبر، لدى عودته من زيارةٍ ناجحةٍ إلى العربيّة السعوديّة، يحذّر الرئيس هراوي الحريري، فائق الثّقة بنفسه، من المغالاة. بحلول عيد الميلاد، يرسم صادقُ الحريريَّ بما هو كيس هدايا لنظامٍ فاسد، يتعْتعه السكرُ بسبب ما سوف يحقّقه قريباً من بسْط قدراته الدولاريّة على موارد البلد المتسلّعة.

تبادل الأزياء بين بَعد الحداثة والتاريخ

لا يجوز أنْ يساءَ فهم اعتذاري أعلاه من جان - فرانسوا ليوتار على أنّه بسبب اغتصاب مصطلح «بَعد حديث» من شخصٍ لا يعيش في واحدٍ من «المجتمعات الأكثر تطوّراً». غنيٌّ عن القول، أنّ الطابع البيانيّ لمثل هذا المقياس لم يعد قائماً ولا هو حتى مفيدٌ بعد أربعة عقود من نشر نصّه، وقد باتتْ تقنيّةُ الإنترنت، ومروحة من الحروب الأهليّة التقسيميّة والتذريريّة، جزءاً متمّماً من الاقتصاد الكَونيّ. الأحرى أنّ اعتذاري هو مدخلي إلى اقتراح يقول إنّ بَعد حداثتي كان يتّسم أوّلاً وتحديداً بالسذاجة، على عكس تعريف فيلسوفنا لبَعد الحداثة بما هو رفْضُ السذاجة تجاه السرديّات العظمى. ذلك أنّ مجيء الحريري حمل معه، ولو لفترةٍ قصيرة، الطموح إلى مسيرةٍ إلى أمام. ومع أنّه كان مقصّراً عن أنْ يعرض الشروط التاريخيّة وما يترتّب عليها من حماسة، كتلك التي تمكّنتْ لحظاتٌ تاريخيّة عالميّة سابقة من تعبئتها، فإنّ رياح الحريريّة لم تُعدم قدْرتها على أن تدفع تاريخنا المنتفخ إلى أمام، تاريخاً يبدو مثيراً، مثل منطاد (زپلين) فخمٍ، مهيباً عندما يطوف لكنّه يعتمد في طوافه على تقلّبات الطقس. ومع أنّه يمكن صرفُه بسهولة بما هو كيس غازٍ يسهل ثَقبُه وإسقاطه إلّا إذا كان مزوّداً بحراسةٍ مشدّدة، أمكن منطاد الحريري أن يطوف ليس فقط بسبب تعويم القطاع المصرفيّ، والمضاربة الماليّة على التصفية الآتية للنّضال الفلسطينيّ، والمال السعوديّ، ومصالح النخبة السياسيّة في سورية، بل حتى بسبب دعم جاك شيراك له. ولقد أمكن ذلك الطواف أيضاً، ولقي تسويغه، عندما تسرّبتْ مفاهيم بَعد الحداثة الثقافيّة والنظريّة إلى أعمال النقّاد والمنظّرين والفنّانين المحلّيّين. فلعلّه من خلال أعمالهم نستطيع أن نبدأ برؤية مشهد تبادل الأزياء بين التاريخ وبَعد الحداثة، مشهد بعد الحداثة يلبس لبوس التاريخ، ما يضطرّ التاريخ إلى أن يرتدي معطف بعد الحداثة.

ميّ غصوب: لِبَعْد حداثةٍ عربيّة

غالباً ما تُذكر الفترة الأولى من صعود الحريري من خلال عدسة النّقد اليساريّ الموجّه إلى مشروع إعادة الإعمار بإدارة شركة سوليدير الخاصّة. ذلك أنّ بعض المثقّفين العامّين والروائيّين والشعراء والمهندسين والمعماريّين والصحافيّين البارزين، البعض منهم مستقلٌّ والبعض الآخر ذو ماضٍ سياسيٍّ في تنظيماتٍ مثلِ حركة التحرّر الوطنيّ الفلسطينيّة - فتح، والحزب الشيوعيّ اللبنانيّ ومنظمةِ العمل الشيوعيّ في لبنان، شنّوا حملةً منظّمةً ضدّ المجمّع الماليّ - السياسيّ الحريريّ وركّزوا النقاش على منظومتَين من المتضادّات: إعدام الذاكرة مقابلَ الذاكرة، وإعادة الإعمار مقابل نزع الملكيّة8.

تبقى حصيلة هذا النقد ثريّة ومهمّة، إذ أسهم في تكوين جيلٍ كاملٍ من الفنّانين والكتّاب الأصغر سنّاً، فحجَب، لأسبابٍ مفهومةٍ، تيّاراً فكريّاً آخر، رحّب بأفكار بَعد الحداثة في الفنّ والنظريّة وتبنّى ثنائيّ التنوّع - المجاورة بدلاً منها. ومع أنّ هذا التيّار كان ثانويّاً من الناحية الفكريّة، إلّا أنّه قدّم صوَراً وكلماتٍ تصلح تسميتُها انبهاراً فكريّاً خجولاً بمشروع الحريري.

من أبرز الأمثلة على ذلك التيّار مجموعةُ مقالاتِ ميّ غصوب بعنوان «بَعد الحداثة: العرب في لقطات فيديو» المنشور العام ١٩٩٢ 9. ترحّب مقالاتُ ميّ على نحوٍ مركّبٍ ومتوازنٍ ببعد الحداثة، وإنْ يكن ترحيباً يشوبه شعورٌ بالذنب. في مقالتها الختاميّة والأكثر حميميّةً تفضح ميّ غصوب، بمزيج من التوكيد والأسى، انبهارها ببَعد الحداثة بما هي طاقة تَحرِّرٍ من المشاريع الشموليّة عاليةِ النبرة التي تكبّل العالم العربيّ. إنّ القيمةَ الثقافيّة للمجاوَرة والتنوّع، التي تعتنقها وتدافع عنها، لا يمكن أن توجد إلّا في حقول بعد الحداثة المتنوّعة حيث لا ضغوطَ تمارَس على التناقضات لكي تذوب في مبدأ أوحد10. إنّ غصوب، المتأنيّة بسبب ثقافتها في علم الجمال الحداثيّ ونشاطها داخل حركاتٍ تحرّريّةٍ زمن الشباب، تعترف بخطر العدميّة الكامل الذي تنطوي عليه النسبيّة الثقافيّة لبَعد الحداثة11. لكنّ العودة إلى المشروع الحداثيّ التاريخيّ لم تعدْ ممكنةً، في نظرها، لأنّها لم تعدْ قادرةً على أنْ «تتخيّل لندن دون ساعة «بِغ بِن»»12. وهو قولٌ مستغرَب، لكنّ له وقعاً مناسِباً لدى ساكنٍ من سكّان لندن، يكفيه ليعلن تبنّيه المفارقات التاريخيّة وتطبّعه عليها. فلا حاجة لإهمال الماضي لأنّه لم يعد ثمّةَ من تقدم في خطٍّ بيانيّ ولأنّ الإنسانيّةَ لا تتّجه نحو أيّ مكانٍ محدَّد.

وجديرٌ بالملاحظة هنا أنّ مشروع رفيق الحريري لإعادة الإعمار، على الرّغم من بلاغته المغالية، لم يستخدمْ مصطلح التعبئة الحداثيّة التي هي «التقدّم». قام مشروعه على الاستلحاق لا على التجاوز. فغرضُه أنْ يعيد تموضع الاقتصاد اللبنانيّ ضمن مسارٍ كونيٍّ وأنْ يشجّع في الوقت ذاته على قيام ثقافةٍ استهلاكيّةٍ حيث المتنوعُ متوافرٌ ومتسامح مع المجاورة. أمّا مشروع الحريري الثقافيّ فقد أداره، في معظمه، فريقٌ من الخبراء ما لبثوا أن وطّنوا عملهم بتدشين «تلفزيون المستقبل» يوم ١٥ شباط / فبراير ١٩٩٣، الذي يملكه الحريري وقد تحوّل بسرعةٍ إلى القناة الأولى في لبنان. مع ذلك، وعلى الرّغم من كلّ برامج محطّة التلفزيون الترفيهيّة، وبصريّاتها المستحدَثة، فإنّ أفضل ما يمكّننا من استيعاب مشروع الحريري هو اللغة البصريّة الأكثر تعقيداً وتطوّراً التي يؤلّفها الفنّان محمّد الروّاس، وقد ميّزتْه ميّ غصوب بما هو أبرز ممثّلي نقلةٍ تصويريّةٍ نحو مساكنةٍ متعدّدةٍ زمنيّاً، وإن تكن لا تاريخيّة، بين تقاليدَ بصريّةٍ متفاوتة13.

محمد الروّاس والاستكانة البصريّة

في لوحةٍ تعود للعام ١٩٩١ ذاتِ عنوانٍ مفخّم - «عندما خلق الله الجوع»14 - يعرض الرواس مروحةً من التقنيّات التصويريّة، كانتْ ذات مرّةٍ حصريّةً ومخصوصةّ بحقباتٍ تاريخيّةٍ معيّنةٍ على مساحةٍ واحدةٍ وعبر مجموعةٍ من العناصر المجازيّة لا تقلّ عنها تفكّكاً. ما يطفو على سطح هذا الخليط البصريّ ذاكرةٌ لتخييلٍ ينتمي إلى ماضٍ بعيد، وشعورٌ كونيٌّ غير محصور في مكان، يجوز أنّه كان له ذاتٌ تاريخيّة، لكنّه الآن مبعثَرٌ على حقلٍ من السلَع البصريّة ذاتِ قيمةٍ تبادليّةٍ متماثلة. فاذا الحصيلة صورةٌ مصدوعة لكنّها فاقدةٌ لأيّ توتّر، حيث المتباعِدُ يتقافز ولكن دون أنْ يتفاعل.

ما من شكٍّ في أنّ محمّد الروّاس بنّاءُ صُورٍ مجتهد، وجامع شغوفٌ بالاستشهادات والمراجع، لكنْ لا بدّ من القول إنّ صوره تروّج لنمطٍ أكيدٍ من الاستكانة البصريّة. في مسيرته المهنيّة الطويلة والناجحة والمستمرّة، يواصل الروّاس تركيب خلائط صوره بحيث أنتج في السنوات الأخيرة أعمالاً ذاتَ طبقاتٍ كثيفة من الاستشهادات البصريّة والنصّية باتتْ تحتاج إلى جردةٍ تفصيليّة.

في كتابٍ بعنوان «تعليقات» منشور العام ٢٠١٢ 15، يشرك الروّاسُ المشاهدين بمسار عمله بأن يعرض لائحةً بالمراجع الأصليّة التي استخدمها في لصق صوَره. وهو بفعله ذلك لا يستعرض معارفه البصريّة الواسعة وحسب، يل إنّه يفضح الطرائق التي بها يمنع النّزاع من أن يكوّن الصورَ التي يرسمها حتى وهو يستعير علاماتٍ ورموزاً من الأحداث العالميّة الجارية. في مقطعٍ دالٍّ، يعلّق فيه على لوحته «إلى أن يجمعنا الموت»16، يشير الرسّام إلى امرأتين باكيتين مستعارتيْن من لوحة جاك-لوي دافيد التاريخيّة «قَسَم الهاراتيين»17 على أنّهما إمّا من غزّة أو أنّ واحدةً من غزّة فيما «الثانية قادمةٌ من إسرائيل»18. ثمّة تماسكٌ في هذا القول الصادر عن رسّام مكرّس لمهمّة رسم صوَرٍ ذاتِ تأليفٍ شكلانيّ جيّد من خلال عناصرَ متفاوتةٍ ومتناقضةٍ لكنّها مستكينة. فلكي تصير صورةَ جسدِ امرأةٍ مستعارَةً من لوحةٍ تاريخيّة عائدةٍ للقرن الثامن عشر حاملة في الآن ذاته لمدلولَين، واحد لامرأةٍ من غزّة وآخر لمستوطِنة إسرائيليّة، يعني أنّها قد أسّست أصلاً حقلاً بصريّاً قد أبحر من شاطئ الإحالات التاريخيّة. إنّ لوحات الروّاس توفّر عرضاً بصريّاً يدعو إلى الإعجاب لعمليّة تبادل أزياء، حيث الدلالاتُ صراعاتُ الماضي العنيفة تعود للظهور بحيويّة ولكن لتتجوّل في حقلٍ تتساوى فيه كلّ العلامات من حيث قيمتُها المعلّقة والمُحيَّدة توخّياً للتبادليّة القصوى.

جبابرة نديم كرم

لم يكن للروّاس الرسّامِ تأثيرٌ على الجمهور كالذي حظيَ به مجايلُه نديم كرم بين الأعوام ١٩٩٢ و١٩٩٧. في زمنٍ لم يكن الفنّانون العاملون فيه ببيروت يحصلون على أيّ تمويلٍ عامٍّ أو خاصّ، اقتحم المهندس نديم كرم المشهدَ بدعمٍ ماليٍّ وتأييدٍ إعلاميٍّ كريمٍ من سوليدير ومن بنك «سوسييتيه جنرال - لبنان». هبطت أعمال كرم حرفيّاً على متحف سرسق العام ١٩٩٤، وعلى متحف الآثار الوطنيّ العام ١٩٩٥ قبل إعادة افتتاحه، وهبطتْ في العام ١٩٩٧ على بورة في ساحة الشهداء وعلى جسر فؤاد شهاب في بيروت. كانت تراكيبُه جبّارة، انتقائيّةً ومُضاءةً على نحوٍ بديع بفضل دعمٍ إضافيٍّ من «شركة دبّاس للإضاءة والأنظمة» في عاصمةٍ ينبغي التذكير أنّ الكهرباء فيها كانت سلعةً نادرة. عُرضت الشخوص الجبّارة بما هي عناصرُ «موكبٍ عتيق» حسبما سمّاها الفنّان، «تغوص عميقاً تحت الأرض لتصل إلى حيث تتوارى ذاكرة المدينة». وقيل عكساً، وعلى درجةٍ مماثلة من الأهميّة، إنّ «الموكب العتيق» يتخاطر بواسطة لغة بدئيةٍ تتجاوز الحدود، والثقافات والعقائد. ومع ذلك، قيل لنا إنّ تنوّع أشكال الشخوص وليد ردِّ فعل الفنّان على «التشظّي الطائفيّ والاجتماعيّ - السياسيّ اللبنانيّ الذي هو سبب الشِقاق والحرب». وعلى الرّغم من ذلك التشظّي، فالشخوص المعدنيّة المختلفة والمتنوّعة «تتبع مساراً واحداً وتتشارك في مصير واحد»19. وهذا ليس نموذجاً عن أفكارٍ مشوّشةٍ غالباً ما نلقاها في نصوصٍ بائسةٍ ترافق الفنّ المعاصر أو تؤطّره، أو أنّه لا يقتصر على كونه ذلك. ينتمي هذا النوع من الكتابة أيضاً إلى نمطِ تبادل الأزياء، حيث بعد الحداثة يرفل في حرير التاريخ فيما التاريخ يظهر بلبوس بَعد الحداثة. وهذا ما يسمح لأعمال كرم بأن تنتحب على تاريخ المدينة المنقضي فيما تساهم في ترفيهٍ بصريٍّ يحجب أزمة سوليدير الماليّة المتفاقمة. يستطيع الفنّان أن يكتب بحنينٍ عن ٥٠٠ بناية متضرّرة من الحرب «أبادتْها بانتظام»20 شركة سوليدير، وأن يدعو مع ذلك سكّانَ المدينة للانضمام إلى موكب الاختلافات السلميّ واللعوب. صورتان، في موقع الفنّان الإلكترونيّ، واحدة ليليّة والثانية نهاريّة، تري اثنين من شخوصه المعدنيّة رابضةً على جسر فؤاد شهاب، في خيرِ تعبيرٍ عن تبادل الأزياء هذا. الشخصان يعتليان مداميك إسمنتيّة مطبوع عليها «بيروت»، وهي علامة سوليدير التجاريّة: واحدٌ مُتصَبْينٌ والثاني مُتأنِّث، هو يحمل مطرقةً لكنْ ليس تماماً، وهي تحمل منجلاً، وليس تماماً. أهذا ما تبقّى بعدما تقهقر عامل المصنع وفتاة الكولخوز إلى المراهقة وقفَزَا على موكبٍ يخترق المدن المهزومة وقد جرى تطويعها لعمليّةِ إعادة الإعمار؟

عندما تتزيّا بعد الحداثة بزيّ التاريخ، هل نجد أنفسنَا واقفين أمام أثرٍ سطحيٍّ، كما في لوحة الروّاس «عندما الله خلق الجوع»؟ إذا كان الأمر كذلك، فإنّها مساحةٌ تستحقّ أنْ ننظر إليها مجدّداً. لنقم جردة بأشياواته: في اللوحة ضربات ريشة مرنة تنتمي إلى أسلوب ولهلم دا كوننغ، ولصق القشّ على اللوحة مستوحىً من آنسلم كيفر، والنقاط المتسلسلة من روي ليشتنشتاين، والصحن الملصق ومعه سكاكين المائدة من عنديات جوليان شنابل، والمثلثّات ذات الألون الأوليّة تذكّر پييت مودريان، وتقميش ورق الجدران يشي بجورج براك، والدّمى البلاستيكيّة تشبه دمى هانس بلمر، وقصاصات صوَر ملكات الإغراء من جورج هاملتون، أو ربّما ميل راموس، وإله مايكل أنجلو وقد انقلب أفقيّاً بسبب تقنيّة النقل المستحدثة، مأخوذٌ من لوحة إدوارد كولي بُرن - جونز «شجرة الغفران»21. إنّها مساحةٌ تصويريّة مزدحمة، لا قعر لها ولا شكل، تمارس مأثرةً بصريّة بتوليد دوامة من المراجع البصريّة لا غرض لها غير تأمين خفّة متواصلة من المتعة البصريّة. ولعلّ هذا هو الأثر المقصود من تبادل الثياب: بعد الحداثة يلبس لبوس التاريخ والتاريخ بالضرورة يرتدي رداء بعد الحداثة.

«اغتيالات» زياد أبي اللمع

تبادل الثياب يولّد تشوشاً في الحدود. لكنّه في بيروت مطلع التسعينيّات من القرن الماضي، ولّد حركة طوافٍ لا ردّ لها فوق حقولٍ توفّر اختلافاتٍ كبيرةً لكنّها فاقدةٌ لأيّ خصوصيّة. في هذا الحقل، تظهر دالّات التاريخ ولكن ليس بما هي وليدة ضرورٍة ما. يبدو لي أنّ الضرورة كانت تحديداً ما هدَفَ إليه النقدُ الفكريّ اليساريّ الغالب لمشروع الحريري، إذ ادّعى أنّه يجابه البحث عن الذاكرة والولوج إليها ضدّ ما سمّاه اليساريّون مشروع سوليدير لإعادة الإعمار العادم للذّاكرة، وقد جابهوا الواقع الاجتماعيّ لسلب الملكيّة بمشهد المضاربة العقاريّة التي انطوتْ عليها إعادة الإعمار. وفي عملهم هذا، ظلّ النقّاد اليساريّون مخلصين لأمل، لتراثٍ متحدّرٍ من عصر الأنوار أبقى المستقبل، في نظرهم، مفتوحاً أمام إمكاناتٍ غير متحقّقة 22.

لم يكن هذا دأب زياد أبي اللمع، الفنّان الشابّ المتطرّف الذي دبّر عمليّتي اغتيال في العام ١٩٩٢ والعام ١٩٩٥. الأولى محاولة لإحياء التاريخ فيما الثانية قرار بالتخلّص من الحنين إلى التاريخ واستدعاء الطوفان بديلاً منه.

في حزيران / يونيو ١٩٩٢، ولم يمضِ وقتٌ طويل على افتتاح تجهيزه الفنّيّ اللافت وسط كَومات النفايات على شاطئ أنطلياس، شمال بيروت، عاد أبي اللمع في ظهيرة يومِ أحد دافئ، شعرُه معقوصٌ إلى خلف، يرتدي سترةً صفراء أنيقة، وسروالاً من الكتّان الأبيض، وقميصاً من الكتان الأبيض، وربطة عنق زرقاء وبيضاء منقّطة وحذاءً لرياضة الغولف مرناً ماركة «ميلانو». وأخذ يتمشّى في قطعة من الشاطئ شديدة الاكتظاظ بين مجموعاتٍ من الأسَر منخفضةِ الدّخل، يتشمّس أفرادُها، ويدخّنون النارجيلة، ويشوون اللحم أو يلعبون الورق. لم يكلم أحداً، يتعالى في نظره عن وجوههم المتسائلة. مارَسَ ذلك لفترة طويلة، تصوّره كاميرا فيديو بيد مساعدٍ يتعقّب الوسامة الموجعةَ لهذا الشابّ يخطر وسط الأقلّ يسراً منه بكثير. بعد ساعة ونصف الساعة، قبِل أبي اللمع دعوةً لتناول القهوة مع إحدى المجموعات. كانت المحادثة عاديّةً غادر أبي اللمع بعدها الشاطئ وقد بدتْ عليه علامات الانفراج.

لم يحدث الأمر المتوقّع، ولذا لعلّه أحسّ بأنّه محظوظٌ إذ لم يقع فريسة نيّته في أن يستدعي قتْله بنفسه. علماً أنّه سعى وسْعه بجدّيّة لاستدراج اغتياله لِما أراده أن يكون جريمةً طبَقيّة تأتي بعد حربٍ لم يجر تعميدُها إلّا بما هي حربٌ أهليّة دينيّة ومذهبيّة شرسة. لم تقع الجريمة لكنّه كان مرتدياً الثياب المناسبة للحدَث. لم يكن التاريخ على الموعد، لكنّه خاطر بحياته. ولو كان لا بدّ من لومه على خطأٍ ما فلأنّه اعتقد أنّ القميص الكتّان النظيف قد يستثير القوم ليثأروا لضغينةٍ تاريخيّة مبرّرة. مضتْ ثلاث سنوات قبل أن يقرّر أبي اللمع أخيراً أنّ التاريخ ليس قابلاً للإحياء وأنّه طريدةٌ سهلة، يسهل استيعابها ومَسخها. فكان على فنّه أن يتخلّى عن آخر بقيّة أملٍ في البعث، ويستعجل بدلاً من ذلك نهايةَ مشهد إعادة الإعمار. لذا انتظر حتى صيف العام ١٩٩٥عندما طلب رئيس الحكومة رفيق الحريري من جان - بيير خليفة، لاعب كرة الطائرة التونسيّ السابق، وأحد مهندسي مجموعة «أوجيه» ومدير «صالون فنّاني الديكور»23 أن ينظّم معرضاً دوليّاً في بيروت24. شُيّد بناءٌ مؤقّت على مساحة ٧٥٠٠ متر مربعٍ في ساحة الشهداء بحضور ٤٥٠ مصمماً ومزيّناً. أرسلتْ دعوةٌ مفتوحةٌ للمصمّمين المحلّيّين. زوّر زياد أبي اللمع بطاقةَ هويّةٍ لنفسه بما هو مصمّمٌ وانضمّ إلى المعرض. كان تجهيزه واحداً من معروضاتٍ أخرى كثيرة من أثاث وفخاريّات ورسوم وتصوير وتصاميم نسيج وسجّاد وغيرها من الفنون اليدويّة. المساحة المخصّصة لأبي اللمع كانت ضيّقة. تدخلُها وأنت تدوس على أو فوق عتبةٍ بلاستيكيّة أو تتخطّاها، وعلى جانبَيها، على مستوى الرأس، أقواسٌ كهربائيّة تطلق أزيزا داخل عبوتين بليكسيغلاس معبّأتين بالغاز تتوسّطهما أنابيب كاثود وآنود على شكل قنابل صاروخيّة. وفي الداخل تستطيع أن تشاهد مجموعةً متنافرة من أشياوات أبي اللمع المعهودة - مزيداً من القنابل، كراسيَ تعذيب معدنيّة، نراجيل من البليكسيغلاس - شبيهة بتلك التي استخدمها في تجهيزه العام ١٩٩٢. في الجانب الآخر، على خفية من النظر تقريباً، جهاز كهربائيٌّ مهيب مجهّز بعددٍ من قاطعي الدائرة الكهربائيّة. في يوم الافتتاح، افتتح رفيق الحريري المعرض، ترافقه حاشيةٌ من الحرّاس والوجهاء، وقام بجولة سريعة في المعرض ومشى قرب كلّ الأجنحة بما فيها تجهيز أبي اللمع. خلال الأيّام المتبقّية من المعرض، اختلط الفنّانون بعضهم ببعض وكان أبي اللمع يتشاجر بانتظام مع مهندسي الكهرباء الذين وجدوا صعوبةً في تموين تجهيزه بتيّارٍ كهربائيّ متواصل. لم يسرّ أبي اللمع لأصدقائه، إلّا بعد نهاية المعرض، بأنّ عتبة التجهيز قابلة لأن تكون مميتةً بناءً على عددٍ من المتغيّرات مثل نوعيّة نعل حذاء الزائر، وما إذا وضع الزائر يداً واحدة أو يديه الاثنتين على الأعمدة حيث أزيز الأقواس الكهربائيّة. فإذا ما التقت المتغيّرات، يلقى الزائر صعقةً كهربائيّة مميتة.

بعد سنوات من ذلك، وبعدما فقدتُ الاتّصال بأبي اللمع، التقينا ذات عصريّةٍ ودار بيننا حديثٌ قصير. الأمر الوحيد الذي ذكرته هو العتبة القاتلة. أنكر وجود مثل هذا الشيء، تمسّكت بقولي، ولفترة طويلة لم أدرِ ما عساي أفعل به. تلك العتبة القاتلة كانت تملك فرصةَ واحدٍ بالمليون أن تنهي مشهد تبادل الأزياء بأن تغتال القائد، كانت بمثل تهوّر محاولة الاغتيال الذاتيّ [الاستغيال أو الاستغوال] الأولى، عدا عن أنّها تلتفت إلى الخلف، نحو القَفْر بعد الكارثة، نحو الرطوبة الغامرة لكلّ شيء التي تعقب الطوفان. وعلى عكس الأمل المبثوث في محاولة الاغتيال الأولى، كانت المحاولة الثانية تتّكئ على استحالة التاريخ الجذريّة: إنّ اغتيال عودته المتكرّرة كان أمراً حاسماً قضى على الأمل الذي رافقه وأصابنا بالشلل. ولكن ما الذي يعقب مثل هذا الفعل الجذريّ، ماذا يأتي بعد الطوفان؟ هل عتبة أبي اللمع القاتلة طريقةٌ للانتقال إلى عالَمٍ آخر ربّما كان أيضاً عالماً أفضل؟ كثيرون قبله استدعوا الطوفان، لكنّ عينَ الواحد منهم كانت دائماً على اليوم التالي. ويمكننا أن نتذكّر مثلاً كلمات المقاتل السابق، راجح العقل، في الفيلم الوثائقيّ الاستثنائيّ لشمعون ومصري، من العام ١٩٨٩ بعنوان «بيروت: جيل الحرب»25 الذي يعبّر عن فرحه العميق لمنظر احتراق الفنادق الفخمة في عين المريّسة. هو مقاتلٌ سابق رأى في تدمير البذيء - البذيء الذي يتبدّى للعيان فقط - نهاية عالم وبداية آخر.

وعلينا أن نتذكّر أيضاً كلمات أهمّ شاعرٍ عربيّ من شعراء الحداثة، أنسي الحاج، الذي غالبا ما كان يستدعي مشهد الطوفان:

«كان الأمل بالطوفان.

لكن نوح بعد الشطف، أعاد جنساً بشرياً أرذل.

العزاء في المجهول.

يبقى الأمل معقوداً على الغَيب.

نستيقظ فجأة في أرض أخرى.

إلى جانب ناسٍ ليس في عيونهم غير العطف»26.

لعلّ عتبة أبي اللمع المنبوذة معروضة برسم الاستعادة. ولكن لو كانت محاولةً لوضع حدّ لحنيننا إلى عودة التاريخ، إذّاك ستكون عتبةً فاقدة لأيّ أمل لاحقٍ على الطوفان. إنّ طوفان أبي اللمع ليس طوفاناً يستحقّ أن نبقى على قيد الحياة بعده.

في رسالة مختصرةٍ يوم الأوّل من أيّار / مايو ١٩٨٥ دعا جان - فرانسوا ليوتار قارئه الشاب إلى أن يراجع مسؤوليّة الحداثة في إعادة تفسير معناها ذاته27، وهو يقترح أنّ بادئة «بَعد» في «بعد حداثة» لا يجوز أن تُفهم على أنّها زمنٌ لاحق أو حركة ارتجاع، ولا نظرةً للخلف أو ردّ فعل، فهي ليستْ حركة تكراريّة بالتالي. الأحرى أنّه يقترح «بعد» بمعنى البادئة «ana» بمعنى «فوق»، «وراء»، «من جديد»، أي أنّها بالتالي عمليّة تحليل أو انفراج، أو anamnesis أي «استذكار من حياة ماضية»، أوanagoge أي «مؤدّية إلى» أو anamorphoses أي «إعادة تكوين». افترضَ أنّ بادئة ليوتار تستدعي نحت مصطلح Anamodernity الذي عسانا أن نأخذه على محمل الجدّ قبل الطوفان الآتي وقبل أن تهبّ علينا الرياح من جديد.

 

bid22_ya-ayn_walid-sadek_rgb_photo1.jpg


النهار ٢٤/١٠/١٩٩٢

bid22_ya-ayn_walid-sadek_rgb_photo2.jpg


النهار ٣١/١٠/١٩٩٢

bid22_ya-ayn_walid-sadek_rgb_photo3.jpg


النهار ٢٧/١٠/١٩٩٢

bid22_ya-ayn_walid-sadek_rgb_photo4.jpg


النهار ٢٧/١٠/١٩٩٢

bid22_ya-ayn_walid-sadek_rgb_photo5.jpg


النهار ٦/١١/١٩٩٢

bid22_ya-ayn_walid-sadek_rgb_photo6.jpg


النهار ٢٦/١١/١٩٩٢

bid22_ya-ayn_walid-sadek_rgb_photo7.jpg


النهار ١٢/١٢/١٩٩٢

bid22_ya-ayn_walid-sadek_rgb_photo8.jpg


النهار ٢٥/١٢/١٩٩٢

bid22_ya-ayn_walid-sadek_rgb_photo9.jpg


النهار ٢٥/١٠/١٩٩٢
(تفصيل)

bid22_ya-ayn_walid-sadek_rgb_photo11.jpg


حين خلق الله الجوع، ١٩٩١. مواد مختلفة وتجميع على خشب

bid22_ya-ayn_walid-sadek_rgb_photo12.jpg


حتى يجمعنا الموت، ٢٠١١. زيت، اكريليك، طبع رقمي، الومنيوم

bid22_ya-ayn_walid-sadek_rgb_photo14.jpg


مسيرة فوضى. ١٩٩٤. متحف سرسق

bid22_ya-ayn_walid-sadek_rgb_photo15.jpg


مسيرة فوضى، ١٩٩٥، متحف بيروت الوطني

bid22_ya-ayn_walid-sadek_rgb_photo16.jpg


مسيرة فوضى، ١٩٩٧ - ٢٠٠٠. وسط بيروت

bid22_ya-ayn_walid-sadek_rgb_photo17.jpg


مسيرة فوضى، ١٩٩٧ - ٢٠٠٠. وسط بيروت

bid22_ya-ayn_walid-sadek_rgb_photo18.jpg


مسبرة فوضى، ١٩٩٧ - ٢٠٠٠. بيروت، جسر فؤاد شهاب.

bid22_ya-ayn_walid-sadek_rgb_photo19.jpg


مسبرة فوضى، ١٩٩٧ - ٢٠٠٠. بيروت، جسر فؤاد شهاب.

bid22_ya-ayn_walid-sadek_rgb_photo20.jpg


جان شمعون ومي مصري، بيروت: جيل الحرب، ١٩٨٩

  • 1. Jean-Pierre Lyotard, The Postmodern Condition, University of Minnesota Press, 1984, p. xxiii
  • 2. النهار، ١٠ أكتوبر ١٩٩٢، ص ١ و٤. كان كرامي يتحدّث إلى الصحافة بعد اجتماعه بالرئيس الياس هراوي خلال الاستشارات النيابية الملزمة التي أدّت إلى اختيار الحريري رئيساً للوزارءس
  • 3. راجع الإحصاءات الصادرة عن مصرف لبنان http://www.bdl.gov.lb/statistics/table.php?name=t5282usd
  • 4. يتضمّن احتساب الناتج المحلّيّ الإجمالي، الإنفاق على الصادرات والواردات. والناتج المحلّيّ الإجمالي قياس للإنفاق على الاستهلاك زائداً التوظيف في الأعمال والإنفاق الحكومي والصادرات الصافية التي هي الصادرات ناقصةً الواردات
  • 5. سوليدير ش.م.ل شركة مساهمة لبنانيّة مكلّفة بتصميم وإعادة تطوير وسط بيروت. الاسم مكوّن من الأحرف الأولى للتسمية الفرنسيّة Société Libanaise pour le Développement et la Reconstruction du Centre-Ville be Beyrouth تأسست في ٥ أيار ١٩٩٤ تحت سلطة «مجلس الإنماء وإعادة الإعمار» تبعاً لرؤية رفيق الحريري لإعادة الإعمار
  • 6. تجدر الملاحظة أنّه على الرّغم من أن القيمة التبادليّة للعملة اللبنانيّة قد ارتفعتْ بعد تعيين رفيق الحريري إلى ١٨٥٠،٦٢ ليرة للدولار الواحد، غير أنّ العملة لم تثبّت إلّا بعد سنوات في ديسمبر ١٩٩٧ على أساس ١٥٠٧،٥ ليرات للدولار الواحد
  • 7. راجع على سبيل المثال Talal Nizameddin, The Political Economy of Lebanon under Rafiq Hariri: An Interpretation, in The Middle East Journal, Vol. 60, No.1 (Winter, 2006) pp. 95 - 114
  • 8. البعض من أبرزهم: الياس خوري، جاد تابت، رهيف فياض، عاصم سلام، جورج قرم وفواز طرابلسي
  • 9. مي غضوب، ما بعد الحداثة: العرب في لقطة فيديو، بيروت، دار الساقي، ١٩٩٢
  • 10. المرجع ذاته، ص ٨٧
  • 11. المرجع ذاته، ص ٨٩
  • 12. المرجع ذاته، ص ٩١
  • 13. المرجع ذاته، ص ٥٤ - ٥٧
  • 14. محمد الرواس، عندما خلق الله الجوع، ١٩٩١. مواد مختلطة وتجميع على لوحة خشب معاكس ١٢٥ X ١٢٥ X ٦ سنتيمترات
  • 15. محمد الرواس، تعليقات، نشر غاليري ارتسوا DIFC، دبي ٢٠١٢
  • 16. محمد الرواس، إلى أن يوحّدنا الموت، ٢٠١١. زيت، أكريليك، رسم رقمي، ألمنيوم ونحاس على قماشة. ١٥٠ X ١٧٠ سنتيمتر
  • 17. جاك - لوي دافيد (١٧٤٨ - ١٨٢٥) قسم الهوراتيين (عصبة من المقاتلين الرومان) ١٧٨٤، زيت على قماشة، ٣٢٩،٨ X ٤٢٤،٨ سنتيمتر
  • 18. تعليقات، ص ١٦
  • 19. http://nadimkaram.com/archaic-procession/
  • 20. http://nadimkaram.com/portfolio-items-races-1997-2000/
  • 21. Edward Coley Burne-Jones, The Tree of Forgiveness, 1882 زيت على قماشة. ١٨٦ X ١١١ سنتيمتر
  • 22. Khouri, «Un double language», in Prince Klaus Fund Journal #4, Sept. 2000, pp. 13 - 18 راجع ايضا, Represntations Edward Said, Represntations of the Intellectual, NY: Vintage Books, 1996 (ترجم للعربية في العام ذاته وصدر عن دار النهار وراجع أيضاً Régis Debray and Jean Ziegler, Il s’agit de ne pas se rendre, Paris: Ed. Arlea, 1994 (ترجم للعربية ونشر في المركز الثقافي العربي، ١٩٩٥)
  • 23. ترأس جان بيير خليفة «معرض الفنون التزيينيّة» SAD من ١٩٨٥ إلى ٢٠٠٣ وتوفي في العام ٢٠١٢. تأسّس «معرض الفنون التزيينيّة» العام 1904 بالتزامن مع افتتاح «متحف الفنون التزيينية» في بارس
  • 24. https://soufflezsurlesbraises.com/tag/beyrouth/
  • 25. بيروت: جيل الحرب، جان شمعون وميّ المصري، أيار ١٩٨٩، بالعربية والإنكليزية مع سرد جزئي بالإنكليزية
  • 26. أنسي الحاج، أنا وأنت ناقصان، ٢٠١٢
  • 27. Jean-Francois Lyotard, Le Postmodernisme expliqué aux enfants, Editions Galilée, pp. 107 - 113
العدد ٢٢ - ٢٠١٩
وأوّل محاولة لاغتيال رفيق الحريري

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.