العدد ١٣ - شتاء ٢٠١٦

«بدايات» في العام الخامس

النسخة الورقية

نفتتح هذا العدد بمقابلة مستفيضة أجرتها ندى متّى مع جِلبير أشقر يستعرض فيها ويحلّل المسارات المتفاوتة والمتلاقية للثورات العربية في عامها الخامس. وسوف نفتح صفحات العدد الآتي لمواصلة النقاش وتقييم تلك المسارات والردّات المختلفة التي تعرضت وتتعرّض لها. ونرجو اعتبار هذا الإعلان بمثابة دعوة مفتوحة لمن يهمّه الأمر إلى الكتابة في هذا الموضوع.

في «من باب أَولى» توجّه أروى عبده عثمان رسالة مؤثرة إلى أرامل الحرب اليمنية، فيما يقارن فارع المسلمي بين اتفاق الطائف اللبناني والمبادرة الخليجية اليمنية بما هما إطاران لحلّ النزاعات الأهليّة وحدثان فاصلان في حياة الشعبين اليمني واللبناني.

في هذا العدد تحتلّ الأقلام النسائية «الثورات بشبابها» في نصوص متنوعة لا تخلو من الزخم والحدّة والتمرّد.

ونفتتح في هذا العدد أيضاً سلسلة مقالات ودراسات ونصوص أصلية بعنوان «إسلاميون خارج الِسرب». يعكس العنوان اهتمامَنا بالتعريف بمؤلفين ومفكرين وفقهاء معاكسين للتيارات السائدة، إلى كونهم لم يحظوا بما يكفي من اهتمام في النقاشات والسجالات الجارية حالياً حول الدين وعلاقته بالدولة والمجتمع. ننشر في هذا العدد مقالة للقاصة والصحافية السودانية الشابة نجاة إدريس إسماعيل عن المفكّر السوداني ومؤسّس الحزب الجمهوري الإسلامي محمود محمد طه (١٩٠٩- ١٩٨٥) الذي قضى إعداماً بتهمة الردّة في عهد جعفر النميري لأفكاره الجريئة في الإسلام والحياة السياسية والاجتماعية والقيَميّة. ننشر بعد ذلك مختارات من أحد أبرز مؤلفات طه الكثيرة «الرسالة الثانية من الإسلام». وسوف نواصل في الأعداد التالية تقديم دراسات ومختارات عن حياة ومؤلفات مفكرين آخرين ممن اختاروا أن يكونوا «خارج السرب»، بينهم عالم الاجتماع والمفكّر علي شريعتي والإمام المناضل محمود الطالقاني الإيرانيان، وعدد آخر من تلك الفئة من المغايرين الجريئين.

تستأنف «بدايات» نضالها من أجل «الحقّ في المدينة» بدراسة مشتركة لعبير سقسوق ونادين بكداش عن مدينة بيروت في ذاكرة المستأجرين القدامى وهم المعرّضون للتشريد بمقتضى قانون الإيجارات الجديد. ويقدّم مروان غندور لفائزين في مسابقة معمارية لتخيّل مصير آخَر لدالية الروشة غير مصيرها الحالي وقد أطبق عليها رأس المال العقاري وحرَم سكان المدينة من تلك الفسحة الحيويّة والجميلة من شاطئهم وحياتهم المشتركة.

يكتب جون برجر في «يا عين» عن شارلي تشابلن، «المهرّج» العبقريّ الذي يجيد فن السقوط ليؤكّد للإنسان أنّه يستطيع أن ينهض إنساناً جديداً من كلّ سقطة. ولا ينسى برجر، على عادته، أن يستطرد نحو أحداث معاصرة كالبطالة والغرقى من ضحايا الهجرة الأفريقية والعربية إلى أوروبا. نجازف في هذا العدد أيضاً بنشر نصّ بالعامّية اللبنانية هو محاضرة للمخرج أحمد غُصَين يتحدث فيها عن فيلمه الأخير «المرحلة الرابعة» الذي عرض في بينالي الشارقة في مارس ــ يونيو من العام الماضي.

يسرّ «بدايات» أن تعرّف في هذا العدد بحياة وأعمال كبير فناني المكسيك وأميركا اللاتينية دييغو ريفيرا (١٨٨٦-١٩٥٧) الذي اشتهر بجداريّاته الملحميّة وبمحاولاته المبتكرة المزاوجةَ بين إحياء الثقافة الأهلية للشعب المكسيكي، العائدة إلى حضارات ما قبل الاستعمار الإسباني، وبين تمجيد الحداثة الغربيّة بما حملته من إمكانات العدالة والتقدّم. وكان ريفيرا، مثلُه مثل زوجته الفنانة والنسوية فريدا كاهلو، مناضلين يساريين ملتزمين بقضايا الشعب والإنسان. عن ريفيرا وموقعه في الفنّ المكسيكي، تكتب الباحثةُ والناقدة المكسيكية إيرمغالد أملهاينز، تليها مختارات من الرسوم والجداريات.

منتجات الذاكرة غنيّة في هذا العدد. تباشر الفنانة والشاعرة إتيل عدنان كتابة سيرتها بقصة أبٍ سوريّ كان زميلاً لكمال أتاتورك في الكليّة الحربيّة العثمانيّة، وتروي طفولتها والنشأة في كنف أمٍّ يونانية، على خلفية مشاريع التقسيم والحروب التي تمخّضت عن نشوء تركيا الحديثة. أمّا رياض نجيب الريّس فيذكّره أطفالُ درعا بطفولته الدمشقية وبحياته الصحافية وهو يتساءل، في نص بعنوان «غسيل كِلى سوري» عن كيفيّة تسرّب تراب سورية إلى كلْيتَيه المتعبتين. ويروي عصام خفاجي تجربته وخيبته السريعة في عداد مجموعة خبراء عراقيين واكبوا الغزو الأميركي للعراق العام ٢٠٠٣، على أمل المساهمة في إعادة بناء بلدهم بعد سقوط ديكتاتورية صدّام حسين.

نستحضر في «حضور الغياب» حياة وأعمال راحلَين غادرانا أواخر العام المنصرم. ابن الكنيسة الكاثوليكية المشرقيّة المطران غريغوار حدّاد (١٩٢٤-٢٠١٥) وحسين آيت أحمد (١٩٢٦-٢٠١٥) أحد القادة التاريخيّين للثّورة الجزائرية. في واحد من أعمق النصوص مطلع الحرب الأهليّة اللبنانية (١٩٧٥-١٩٩٠) يحذّر المطران حدّاد من دور تنامي الفوارق الاجتماعية في تفجير النزاعات الأهليّة المسلّحة. ونعيد نشر مقابلة أجرتها مجلة «زوايا» منذ ربع قرن مع حسين أيت أحمد يتناول فيها العلاقة بين الوطنيّة والديمقراطيّة وحقوق الإنسان ويقدّم روايته للمسألة الأمازيغية ولحلّها في إطار الوحدة الوطنية الجزائرية. أغمض حسين آيت أحمد عينيه دون أن يشاهد تحقيق أغلى أمانيه: اعتماد الأمازيغيّة لغة رسميّة في الجزائر. ولكن شاءت مفارقة قاسية أن يبادر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى إقرار هذا المطلب الأساسي بالنسبة إلى قسم كبير من مواطني الجزائر، تكريماً للراحل الكبير بعد الوفاة. وإنّه لمعبّر حقّاً، ونحن نشهد العودة إلى تفجّر التحرّكات الاجتماعية والمطلبية في عدد من الأقطار العربية، بما فيها تلك التي شهدت الانتفاضات الثورية، أن يلتقي هذان الراحلان الكبيران، القائد الوطنيّ والديمقراطي والاشتراكي الجزائري، والراهب الكاثوليكي اللبناني، العلماني والمجدّد لاهوتياً، على التأكيد على مركزية الحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والعدالة الاجتماعيّة.

يشغل فيصل درّاج زاوية «فيها نظر» بنصّ يتتبّع فيه مسيرة الأنظمة العربية من عهود الاستقلال إلى ما يسمّيه «دولة الخراب». ويثير درّاج إشكاليّات الحداثة وتواري السياسة مع تراكم التطبّع بطبائع الاستبداد وهو يتأمّل في عسر الولادات وسط زخم الحراك الثوريّ العربيّ.

في «كتاب» يراجع جمال جبران مؤلّفاً قيّماً للباحث الفرنسي في الشؤون اليمنيّة، جان لامبير، عن الغناء الصنعاني. وفي «نون والقلم» نعيد نشر مجموعة أسئلة موجّهة إلى الشاعر علي أحمد سعيد ــ أدونيس من مقابلة أجراها معه فواز طرابلسي بباريس لمجلة «الكرمل» التي كان يرأس تحريرها الراحل محمود درويش. لم تجد المقابلة طريقها إلى النشر، إذ قرّر الشاعر سحب أجوبته عليها معتذراً عن عدم نشرها. ولمّا كانت النسخة الوحيدة للأجوبة هي النسخة التي كانت، ولا تزال، في حوزة أدونيس، نعيد هنا نشر الأسئلة لكونها ما زالت تستحقّ التأمل فيها بصدد الشاعر وشعره ومواقفه، والشعر والثقافة والتراث عموماً. ونشر أسئلة هذه المقابلة هو في الآن ذاته دعوة لأدونيس لكي يفرج عن الأجوبة أو للإجابة عن الأسئلة من جديد.

في «ثقافة الناس للناس» دراسة مبتكرة لنجلا جريصاتي خوري عمّا يحذف، عند النشر، من العدّيات الشعبية اللبنانية على اعتبارها من الممنوعات. وبعد الأخوين الرحباني وزين العابدين فؤاد، نواصل التعريف بالشعر العربي بالعامية بنشر مختارات من الشاعر اللبناني طلال حيدر.

العدد ١٣ - شتاء ٢٠١٦

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.