العدد العاشر - شتاء ٢٠١٥

بوركينا فاسّو

انتفاضة بقيادة شبح سانكارا

«يمكن قتل الثوار لكن لا يمكن قتل الأفكار»
(توماس سانكارا)

ينبغي أن تكون انتفاضة الشعب الأخيرة في بوركينا فاسو درساً بالنسبة إلى من يعتقدون أنّ كونهم مدججين بالسلاح ويحظون بدعم القوات العسكرية الغربية يعني سيطرتهم الاستبدادية المطلقة على دولهم. فعلى الرغم من الوجود العسكري الفرنسي والأميركي والتعصب السياسي للمعارضة، تبددت الأوهام المحيطة بأحد طغاة أفريقيا الأقدم عهداً حين بيّنت حشودٌ من الطبقة العاملة قوة الشعب. كانت حكومة كومباوري في بوركينا فاسو قد أصبحت حليفاً رئيساً للغرب في حربه على الإرهاب التي تستهدف المتشددين الإسلاميين. وقد أطلقت فرنسا برنامجها المفترض لمكافحة الإرهاب جاعلة من واغادوغو، عاصمة بوركينا فاسو، إحدى قواعدها في آب/ أغسطس ٢٠١٤.
بوركينا فاسو دولة حبيسة في غرب أفريقيا تبلغ مساحتها ٢٧٤,٢٠٠ كلم٢، تحدّها النيجر من الشرق؛ وبنين من الجنوب الشرقي؛ وغانا، وتوغو وساحل العاج من الجنوب، ومالي من الغرب والشمال. كانت مستعمرة فرنسية قبل حصولها على الاستقلال في ٥ آب/ أغسطس ١٩٦٠ عندما أصبحت تُعرَف باسم «جمهورية فولتا العليا» إلى أن غيّر الرئيس توماس سانكارا اسمها إلى «بوركينا فاسو» في ٤ آب/ أغسطس ١٩٨٤.

مشروع توماس سانكارا الثوري
تاريخياً، نعمت بوركينا فاسو بطبقة عاملة منظمة ذات تأثيرٍ ونفوذٍ كبيرين. وهكذا أطيحت الحكومة الأولى في فترة ما بعد الاستقلال عام ١٩٦٦ عبر سلسلة من الإضرابات والتظاهرات التي نفّذها الطلاب والنقابات العمالية والموظفون المدنيون والتي أدت في نهاية المطاف إلى التدخل العسكري. وبذلك ظل الجنرال سانغولي لاميزانا الذي رأس الحكومة العسكرية في سدّة الحكم بدعمٍ من النقابات العمالية والمجموعات المدنية خلال سبعينيات القرن الماضي حتى إنّه انتُخِب رئيساً مدنياً مع هذا الدعم. ولم تسقط حكومته في انقلابٍ عسكري دامٍ إلا عندما نشأ خلافٌ بينه وبين نقابات العمال القوية تقليدياً.
أطاح العقيد سايي زيربو الجنرال لاميزانا عام ١٩٨٠، لكن عندما واجه معارضة من نقابات العمال أسقطه الرائد جان باتيست ويدراوغو خلال عامين أي عام ١٩٨٢، عندما بدا أنّ ميل الحكومة المناهض للعمال أدى دوراً في إزاحة أويدراوغو عام ١٩٨٣ وإرساء النظام التقدمي بقيادة الضابط توماس سانكارا. وحتى عندما تعارض نظام سانكارا التقدمي مع أعضاء النقابات العمالية والموظفين المدنيين، وفّر أرضاً خصبة لكومباوري ليستغلّها لإطاحة توماس سانكارا وجنرالاته الاثني عشر الآخرين واغتيالهم.
عام ١٩٧٦، شكّل كل من جان باتيست بوكاري لينغاني، وهنري زونغو، وتوماس سانكارا، وبليز كومباوري «مجموعة الضباط الشيوعيين» ضمن القوات المسلحة في بوركينا فاسو. وقد تم تعيين أحد أعضائها، توماس سانكارا، في منصب وزير الدولة لشؤون الإعلام في حكومة عسكرية تشكلت عام ١٩٨١ لكنه استقال عام ١٩٨٢ بسبب ما اعتبره ميلاً مناهضاً للعمال لدى الحكومة. ثم عُيِّن سانكارا مجدداً رئيساً للوزراء في حكومة عسكرية أخرى في كانون الثاني/ يناير ١٩٨٣. وكان سانكارا الشخصية القيادية ضمن «مجموعة الضباط الشيوعيين»، كما أنّه قرأ أعمال كارل ماركس وفلاديمير لينين في مطلع السبعينيات، وكان لذلك تأثيرٌ في بقية حياته. كان سانكارا ينتمي إلى الفئة الأقل حظوة في نظام موسي الطبقي الإثني في البلاد، كما أنّ والده الذي قاتل في الجيش الفرنسي خلال الحرب العالمية الثانية سُجِن على يد النازيين خلال الحرب. ونتيجة صراع داخلي نشب بين المتطرفين والمعتدلين في الحكومة أقيل سانكارا في أيار/ مايو عام ١٩٨٣، هذا فضلاً عن أنّ خطابه الثوري أزعج الفرنسيين. وُضع تحت الإقامة الجبرية إلى جانب جان باتيست بوكاري لينغاني وهنري زونغو فيما لم يتعرّض أحد لبليز كومباوري. ثم حدثت انتفاضة أدّت إلى الإفراج عنهم والى انقلاب في ٤ آب/ أغسطس ١٩٨٣ وأصبح توماس سانكارا رئيساً للدولة، وتشكلت حكومة «مجموعة الضباط الشيوعيين». أدّت مصادفة الى اصطفاف الطبقة العاملة المنظمة والجنود التقدميين في خندق واحد للحكم في فترة ما بعد الاستعمار. وفي ذكرى وصول هذا النظام الراديكالي إلى الحكم، بدّل سانكارا اسم هذه الدولة من «جمهورية فولتا العليا» إلى «بوركينا فاسو» التي تعني «بلد الناس النزهاء».
قاد توماس سانكارا الدولة بناء على توجهٍ ثوري نحو الاكتفاء الذاتي. وفي سبيل تغيير النظام السياسي الاستعماري وجذب الناس العاديين إلى اتخاذ القرار، شكّل النظام لجاناً على الطراز الكوبي للدفاع عن الثورة ومحاكم ثورية شعبية للنظر في قضايا الفساد. وأطلقت الحكومة برنامجاً للاكتفاء الذاتي الزراعي وسنّت قانوناً لإصلاح الأراضي، ونفّذت حملة لمحو الأمية على المستوى الوطني، وفي مجال الصحة لقّحت مليونين ونصف المليون طفل ضد التهاب السحايا والحمى الصفراء والحصبة. فضلاً عن ذلك، نظّم الحكم الثوري غرس عشرة ملايين شجرة للحد من تقدّم الصحراء في منطقة الساحل. وقد تضاعف إنتاج القمح عندما أعادت الحكومة توزيع الأراضي على الفلاحين، ووقف العمل بضريبة الرأس الريفية والإيجارات المحلية. ودعا سانكارا كل مجتمع إلى حشد قواه في سبيل بناء مستوصفٍ طبي وبنى أكثر من ٣٥٠ مجتمعاً محلياً مدرسة خاصة به باستخدام عمالته الخاصة.
من خلال التزامه بحقوق المرأة، حظرعهد سانكارا ختان الإناث، وحرّم الزواج القسري وتعدد الزوجات. كذلك، عيّن نساء في مناصب حكومية رفيعة وشجّعهن على العمل خارج المنزل كما شجّعهن على ارتياد المدارس حتى أثناء الحَمْل. وشكّل مجموعة حرس شخصي من النساء اللواتي يقدن دراجات نارية. وقال سانكارا: «الثورة وتحرير النساء يسيران جنباً إلى جنب. نحن لا نتحدث عن تحرر المرأة باعتباره عملاً خيرياً أو بسبب موجة من التعاطف الإنساني، إنما هو حاجة ضرورية لانتصار الثورة. فالنساء يرفعن النصف الآخر من السماء». («نحن ورثة ثورات العالم»، دروس من توماس سانكارا، اكينيمي أديساي، ١٥ أيار/ مايو ٢٠١٠).
واعتمد الحكم الجديد سياسة تقشف ومكافحة البذخ، فباع قافلة سيارات «مرسيدس بنز» تعود للحكومة، واعتُمدت السيارة الأرخص في البلاد - سيارة رينو ٥ ـ هي سيارة الخدمة الرسمية للوزراء. كذلك، خفض رواتب الموظفين الحكوميين الميسورين، بما في ذلك راتب سانكارا الخاص، وحظر استخدام سائقي الحكومة وتذاكر السفر من الدرجة الأولى من قبل المسؤولين. كما أجبر الموظفين الحكوميين الميسورين على التبرّع براتب شهرٍ واحد في السنة للمشاريع العامة. وتمت محاكمة المسؤولين الفاسدين ومعاقبتهم. هذا فضلاً عن أنّ سانكارا حظر تعليق صورته في المكاتب بخلاف ما حرص عليه رؤساء دول آخرون.
كان سانكارا يؤمن بمبدأ الأممية، والوحدة الأفريقية، ومناهضة الأمبريالية. وكان معجباً بالثورة التي قادها فيدل كاسترو في كوبا. وقد دافع عن حملة إلغاء الديون البغيضة للدول النامية. وفي منتديات منظمة الوحدة الأفريقية، عارض الاختراق الاستعماري الجديد لأفريقيا من خلال التجارة والتمويل الغربيين. كذلك، شدد سانكارا على الطابع الاستتباعي للمساعدات الخارجية والعلاقة مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. ودعا الى تشكيل جبهة تضم البلدان الافريقية لإلغاء ديونها الخارجية. ووجّه بلاده نحو الخروج من فلك سيطرة القوة الاستعمارية السابقة، وهذا ما أثار بالتالي استياء الحكومة الفرنسية.

الردّة في عهد كومباوري
عام ١٩٨٧، نشب خلافٌ بين سانكارا وقيادات في النقابات العمالية كانوا حلفاء له في مطلع عهده. وكانت حكومته قد صرفت ٢٥٠٠ أستاذ مدرسة عقاباً على إضراب نفّذوه. وأفيد أيضاً عن اعتقال عددٍ من النقابيين وتعرضهم للتعذيب. وفي ١٥ تشرين الأول/ أكتوبر ١٩٨٧، قُتِل توماس سانكارا واثنا عشر زميلاً له في انقلابٍ عسكري قاده زميله السابق بليز كومباوري.
بعد الانقلاب العسكري، بدا أنّ بليز كومباوري سيكون على رأس الحكومة الثلاثية إلى جانب زميليه الآخرين في «مجموعة الضباط الشيوعيين» جان باتيست بوكاري لينغاني وهنري زونغو. لكن في ١٨ أيلول/ سبتمبر ١٩٨٩، اعتقل كومباوري جان باتيست بوكاري لينغاني وهنري زونغو وضابطين آخرين، وزُعِم أنهم يحيكون مؤامرة لإسقاط النظام وأُعدِموا.
عندما أطيح سانكارا، حاول مغتصبو السلطة استرضاء القوى كافة التي تدّعي أنها ستقطع العلاقات مع أولئك الذين كانوا منذ زمنٍ ليس ببعيد أصدقاء، وفي هذا الإطار ذكروا النقابيين والعمّال المناضلين والعلاقات مع دولة ساحل العاج المجاورة وفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة.
ألغى كومباوري تدريجياً السياسات كافة المؤيدة للشعب التي وُضِعَت في عهد توماس سانكارا. وأبطل عمليات التأميم واستعان بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي للحصول على أموالٍ يُفترض أنه بحاجة ماسة إليها. وقد أصبح بليز كومباوري حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة الأميركية وفرنسا في المنطقة الفرعية لغرب أفريقيا.
كذلك، أصبح وسيط سلامٍ في الحوار بين التوغوليين عام ٢٠٠٦، وفي أزمة ساحل العاج عام ٢٠٠٧، وبين ممثلي الانقلاب العسكري المالي وغيرهم من القادة الإقليميين عام ٢٠١٢. وتُعرَف عنه أيضاً مشاركته في الحروب الوحشية في ليبيريا وسيراليون باعتبارها أشبه بسيفٍ ذي حدين. كذلك، أبقى على علاقات جيدة مع معمر القذافي في ليبيا الذي كان مؤيداً لثورة بوركينا فاسو التي قادها سانكارا حتى إسقاط نظام القذافي.
أعاد كومباوري طرح النظام الانتخابي المتعدد الأحزاب. وفاز في انتخابات عام ١٩٩١ التي قاطعتها المعارضة الرئيسية، وعام ١٩٩٨ مع إقبالٍ ضئيل جداً على صناديق الاقتراع. وعلى الرغم من ذلك، عام ٢٠٠٠، نصّ تعديل دستوري على تقصير الولاية من ٧ إلى ٥ سنوات وعلى أنّ الرئيس لا يستطيع أن يخدم أكثر من ولايتين. وعلى الرغم من أنّ كومباوري خدم ولايتين، لم يُطبّق هذا التعديل بمفعولٍ رجعي، بالتالي تقدّم إلى الانتخابات عامي ٢٠٠٥ و٢٠١٠ وأعيد انتخابه رئيساً.

من المعارضة الى الانتفاضة
عام ٢٠١١، لم ينحصر الربيع بالمغرب العربي وحده كما جعلت وسائل الإعلام الرئيسية الأمر يبدو. وتم تصحيح ذلك في كتاب «اليقظة الأفريقية – الثورات الناشئة» African Awakening – The Emerging Revolutions من تأليف سوكاري إكين وفيروز مانجي. وقد يفاجأ من غاب عنهم هذا التوضيح بما حدث في بوركينا فاسو الآن.
في نيسان/ أبريل ٢٠١١، حدث تمرّدٌ عسكري بسبب بدلات السكن غير المدفوعة في واغادوغو، عاصمة البلاد، مما دفع كومباوري إلى الهرب إلى مدينة زينياري مسقط رأسه. وقد جاء هذا التمرد بعد تظاهراتٍ ضد ارتفاع الأسعار في مدنٍ عدة في مختلف أنحاء بوركينا فاسو. كذلك، تظاهر الطلاب في شباط/ فبراير ٢٠١١ بسبب وفاة طالبٍ أثناء احتجازه لدى الشرطة، والمزيد من إطلاق النار على الطلاب أثناء التظاهرات مما أدى إلى وفاة خمسة طلاب.
وفي ٢٢ نيسان/ أبريل ٢٠١١، دعا ٣٥ حزباً سياسياً معارضاً إلى تجمعٍ حاشد للمطالبة باستقالة كومباوري كرئيس. وفي الشهر نفسه، تظاهر المزارعون في ثاني أكبر مدينة، بوبو ديولاسو، احتجاجاً على تدني الأسعار. كذلك قام التجار في مدينة أخرى، كودوغو، بأعمال شغب رداً على إقفال المحال بسبب الإيجار غير المدفوع، كما تم إحراق منزل رئيس بلدية كودوغو ومركز الشرطة خلال أعمال الشغب. ولاحقاً في اليوم نفسه، انضمت شرطة مكافحة الشغب إلى تمرد واسع النطاق في العاصمة، واغادوغو. في تجمع ٣٠ نيسان/ أبريل، شارك أكثر من ٣٠٠٠ متظاهر ورفع بعضهم لافتات تشبّه كومباوري بالرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي الذي أُسقط في كانون الثاني/ يناير من خلال تظاهرات في تونس. وقد حدثت حالات تمرد ووفيات في شهر أيار/ مايو أيضاً. وخلال هذا العام نشأت حركة احتجاج معيشية.
وعندما بدا لكومباوري أنّ التظاهرات قد هدأت، شكّل لجنة تتألف من ٦٨ عضواً للنظر في إجراء تعديلات على الدستور، وأشار متحدثون عن التظاهرات بوضوح إلى أنّهم لن يتعاونوا مع اللجنة. وشكّلت محاولة تعديل الدستور للسماح له بخوض الانتخابات لولاية رئاسية خامسة القشة التي قصمت ظهر البعير، مما أشعل فتيل الانتفاضة الأخيرة.
بدأت انتفاضة الشعب في ٢٩ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٤. وفي ٣٠ تشرين الأول/ أكتوبر احتشد عشرات آلاف الأشخاص في الشوارع والمباني الحكومية المحترقة، بما في ذلك دار البلدية، ومقر حزب «المؤتمر من أجل الديمقراطية والتقدم» الحاكم، وأجزاء من الجمعية الوطنية. كذلك تعرضت الإذاعة ومحطة التلفزيون الرسمية للاقتحام. ولاقى عددٌ من الأشخاص حتفهم أثناء أعمال العنف فيما حاول رجال الشرطة والجيش إخماد الانتفاضة. كذلك، ضربت احتجاجات عنيفة بوبو ديولاسو، ثاني أكبر مدينة، ومدينة أواهيغويا الشمالية.
سُحِبَت الاقتراحات الدستورية لكن كومباوري صرّح بأنّه سيبقى في منصبه معلناً حالة الطوارئ، وأنّ لديه فترة انتقالية مدتها عام أبدى استعداده خلالها للتشاور مع المعارضة، وهو أمرٌ لم يجد أنّه من الضروري أن يقوم به طوال ٢٧ عاماً. وربما لم يدرك أنّ ما يقدمه ضئيل جداً وجاء متأخراً جداً.
وفي ٣ تشرين الأول/ أكتوبر، استقال كومباوري أخيراً وهرب من البلاد. وفي وقتٍ لاحق، أعلن الجنرال هونوري تراوري، رئيس الأركان، أنه كان يترأس الحكومة الانتقالية لكن صدر إعلان معاكس من قبل المقدّم إسحق يعقوب زيدا، نائب قائد الحرس الرئاسي، يفيد بأنه هو الذي كان يترأس الحكومة الانتقالية. تجمّع نحو ألف شخصٍ يوم الأحد ٢ تشرين الثاني/ نوفمبر للمطالبة بانتقالٍ مدني وديمقراطي للسلطة بعد يومٍ واحد من إعلان الجيش تولّي المقدّم زيدا زمام السلطة. والجدير بالذكر أنّ القوات الفرنسية لم تقم بأي محاولة لحماية كومباوري وبذلك رسخت الواقع المعروف بأنّ للغرب مصالح دائمة لا أصدقاء دائمون. غير أنّ الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند اعترف بأنّ فرنسا قد سهّلت إبعاد رئيس بوركينا فاسو، بليز كومباوري، بعد إطاحته وطالبت الجيش بتسليم الحكم إلى سلطة مدنية. وقد دعت رئيسة مفوضية الاتحاد الافريقي، نكوسازانا دلاميني زوما إلى عملية انتقالية يقودها المدنيون. ولكن يلوح خطر قيام العسكريين بخطف الصراع الذي قاتلت الجموع وضحت بأرواحها من أجله. ولن يعتمد الحؤول دون ذلك على مواطني بوركينا فاسو وحدهم بل على الأفارقة التقدميين جميعهم والجموع وكافة المؤمنين بالنضال الأممي.
ويُذكر في هذا السياق أنّ هناك ثلاثة أحزاب سياسية سميّت بشكل خاص بالسانكارية تيمناً بتوماس سانكارا ومن المرجح أنّ هناك المزيد من الأحزاب، وقد لا تُسمى كذلك تحديداً، أو حتى المجموعات ضمن الأحزاب التي ستطالب جميعها بهذا الإرث.
ومع تعيين ميشال كافاندو، وهو وزير خارجية سابق، رئيساً للمرحلة الانتقالية، وقيامه بتعيين المقدم اسحق زيدا، الذي نصّب نفسه في وقتٍ سابق رئيساً فعلياً للدولة، كرئيس للوزراء، يبدو وكأنّ صفقة تُحاك ما يرجّح كفة الميزان لصالح الطبقة الحاكمة القديمة وليس جموع المتظاهرين.
في حال نجحت تلك الصفقة تكون قد قضت على محاولة إشعال ثورة من رحم الجيش الاستعماري الجديد. ويكون الصراع الداخلي بين القوى المتطرفة والمعتدلة، والمواجهات مع الطبقة العاملة المنظمة وفّر الفرصة أمام قوى الثورة المضادة لوضع حدٍ لإحدى المحاولات الأكثر طموحاً الهادفة إلى تغيير الدولة الاستعمارية الجديدة في أفريقيا وإعادة تنظيمها.

العدد العاشر - شتاء ٢٠١٥
انتفاضة بقيادة شبح سانكارا

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.