العدد الثاني - صيف ٢٠١٢

الرفيق أحمد فارس الشدياق

اللامع الناقد الفاسق الساخر الاباحي الاشتراكي

النسخة الورقية

ولد فارس الشدياق العام ١٨٠٤ لدى اسرة مارونية من الوجهاء في جبل لبنان. شارك ابوه واخوته في العامية الشعبية ضد الامير بشير ١٩٢١ فهجّرت الاسرة واضطهدت، ومات الوالد في دمشق. إعتنق اخوه أسعد المذهب البروتسطانتي فحبسه البطريرك الماروني في دير قنوبين، حيث توفي. فغادر فارس البلاد الى مصر بتشجيع من المرسلين الانجيليين.

خلال منفاه الذي لن يعود منه حيا، جال فارس البحر الابيض المتوسط طولا وعرضا في دورة مكتملة. عاش في مصر برهة من حياته وفيها درّس المرسلين البروتسطانت اللغة العربية، ودرس هو اللغة والفقه عند شيوخ الازهر، وتزوّج من ابنة اسرة شامية. ثم عاش ١٤ سنة في مالطة، حيث ادار مطبعة المرسلين الانجيليين ودرّس في كلية فاليتا. استدعي الى بريطانيا حيث ترجم كتاب الصلوات والكتاب المقدس. زار باريس وعاش فيها حياة حرية ومجون وابداع حيث الف فيها رائعته «الساق على الساق فيما هو الفارياق ». ثم زار تونس بدعوة من الباي الاصلاحي احمد باشا التونسي. وفي تونس اعتنق الاسلام. واستقر اخيرا في الآستانة حيث أمضى باقي ايامه. عيّنه السلطان في ديوان الترجمة السلطاني وأصدر «الجوائب» اول جريدة عربية في السلطنة العثمانية وتفرّغ لتحرير ونشر روائع التراث العربي. توفي في ايلول ١٨٨٧ ولما وصل جثمانة الى بيروت تنازع رجال الدين المسيحيين والمسلمين في من يصلي عليه واين يدفن. حتى أقر الرأي بأن يصلّى عليه في الجامع العمري الكبير بحضور رجال دين مسيحيين، ودفن في ضريح يعلوه الهلال في الحازمية في مدفن الباشاوات العثمانيين المسيحيين الذين حكموا لبنان زمن المتصرفية (١٨٦١ ــ ١٩١٥). من مؤلفاته في اللغة نقده «القاموس المحيط» للفيروزبادي في «الجاسوس على القاموس» (١٨٨١) و«سر الليال في القلب والابدال» (١٨٨٤). وفي السيرة وأدب الرحلات «الواسطة في احوال مالطة » و«كشف المخبا عن فنون اوروبا» (١٨٦٣). هذا هو احمد فارس الشدياق الذي تكنى بابي العباس، الحر، العاصي، اللامع، الساخر، الفاسق، الاباحي، النسوي، الاشتراكي. وهذه بعض المشوّقات من سطوره تشجيعا على المزيد.

حرية

في حرية المعتقد والرأي

[الى بطريرك الموارنة احتجاجا على اعتقال أخيه أسعد بسبب اعتناقه البروتسطانتية ووفاته في الحبس في الكرسي البطريركي بقنوبين]:

َ «... ما كان لهم عليه من سلطان ديني ولا مدني. اما الدين فإن المسيح ورسله لم يأمروا بسجن مَن كان يخالف كلامهم وانما كانوا يعتزلونهم فقط. ولو كان دِين النصارى نشأ على هذه القساوة الوحشية التي إتصفتم بها الآن أنتم رعاة التائهين وهُداة الضالين لما آمن به احد... ولم يكن دأبهم الا الحض على مكارم الاخلاق والامر بالبِر والدعة والسلم والأناة والحلم. فإنها هي الُمراد من كل دين عُرِف بين الناس. واما المدني فلأن أخي أسعد لم يأت منكرًا ولا ارتكب خيانة في حق جاره او اميره او في حق الدولة. ولو فعل لوجب محاكمته لدى حاكم شرعي. فإساءة البطرك اليه انما هي اساءة الى ذات مولانا السلطان. لأننا جميعا عبيدٌ له مستأمنون في امانه وحكمه ... وهِب ان اخي جادل في الدين وناظر وقال انكم على ضلال فليس لكم ان تميتوه بسبب هذا.

وانما كان يجب عليكم ان تنقضوا أدلته وتدحضوا حجته بالكلام او الكتابة اذا أنزلتموه منزلة عالِم تخشون تبعته، وإلا فكان الاولى لكن ان تنفوه من البلاد كما كان هو يطلب ذلك... وكأني بكم معاشر السفهاء تقولون إن إهلاك نَفسٍ واحدة لسلامة نفوس كثيرة مَحمدةٌ يندب عليها. لكن لو كان لكم بصيرة ورشد لعلمتم ان الاضطهاد والإجبار على شيء لا يزيد المضطهَد وشيعته الا كلفًا بما إضطهد عليه» (الساق ١٨٨ ــ ٨٩)

ضد التمييز

«فإن رأس الفقير ليس بأضيق ولا أصغر من رأس الامير عن ان يشتمل على اراء سديدة مما يخلو عنه رأس غيره وإن يكن اكبر عمامة منه وأغلظ قذالا. وكيف ترجو ان تكون السيدة وبناتها ذوات رشد ودراية وهن مقصورات في الدار العامرة؟ وأنتم يا سادتي الحكام والمشايخ والكبراء والمطارنة جربوا مرة ان تجتمعوا بأهلكم وأزواجكم مع اهل جيرانهك.. وان ترفعوا فرق المذاهب من بينكم فذلك ادعى لكم الى الحظ والسرور. ...إعلموا هداكم الله ان فرق الآراء في الاديان لا يمنع من الألفة والمخالّة» (الساق ٤٧٤)

الرهبان

«واني لأعجب من هؤلاء الرهبان فإنهم معما هم فيه من الوحشة والحرمان فما احد منهم نبغ في علم او مأثرة. ولو كنتُ راهبًا لملأت الدَير نظما ونثرا وألّفتُ على العَدَس وحده خمسين مقامة» (الساق ٤٦٧)

٢ المكشوف

العمل والتمدّن

«‬لا لذة في‮ ‬العيش الا في‮ ‬العمل» (‬الاعمال المجهولة‮: ٤٣١).

ــ «العلم بلا عمل كالشجرة بلا ثمر»

ــ «‬يكون التمدن عند الذين ليس عندهم صنائع أنكى واضرّ‮ ‬وأدهى وأمرّ‮». ‬

يقارن بين الفرنساويين والانكليز

«‬ان الجيّد من الانكليز خيرٌ‮ ‬من الجيّد من الفرنسيس‮. ‬والرديء من هؤلاء خير من الرديء من اولئك‮». ‬واما من حيث الفئات الاجتماعية،‮ ‬فهو‮ ‬يؤثر عامة الفرنسيس وخاصة الانكليز الذين‮ ‬يجدهم‮ «‬الأجلّ‮ ‬واللأمثل‮» ‬بين الاوروبيين قاطبة‮ (‬كشف المخبا‮، ‬الاعمال المجهولة‮: ٥٨١)‬

نساء فرنسا والازياء‬

«‬انهن‮ ‬يرين التقليد في‮ ‬الحب والزي‮ ‬معرّة فكل واحدة منهن تجتهد‮ ‬في‮ ‬فنّها حتى تصير قدوة لغيرها. ‬اما في‮ ‬الزي‮ ‬فمنهن‮ ‬من تقبّب صدرها‮ ‬بقدر ما تقبّب نساء الإنكليز بتائلهن‮. ‬ومنهن من تتخذ لها قبّتين في‮ ‬قُبل‮ ومن‮ ‬دبر‮. ‬حتى‭ ‬تكون إذا مشت عائقةً‮ ‬آستاتها ومواجهها‮. ‬وكشف الساق ‬لإبراز الحَماة ونظافة الجوارب مطرّد لهن‮». (‬الساق:‮ ٤٢٦ )‬

في إبراز الادبار‮

«‬وبعد فان الدُبُر هي‮ ‬من الاشياء التي‮ ‬طالما عُني‮ ‬الناس بتفخيمها‮ ‬وتكبيرها وتعظيمها حسًّا‮ ‬ومعنى‮... ‬ثم ان من اهم ما‮ ‬يشغل بال المرأة‮ ويسهِرها الليالي،‮ ‬هو ان تفتن ناظرها بتفخيم ذلك الموضع الرفيع العالي‮.‬ وربما لهِيَتْ‮ ‬عن وجهها وسائر جسدها وغادرته بلا زينة من فرط ‬إستغلالها به ولو تضمَّر وجهُها وذَوَتْ‮ ‬غضاضةُ بدنها لمَرَضٍ‮ ‬او كِبَر فقَلّ‮ اعتمادها على محاسنها لم تبرح معتمدة عليه ومتعهدة له‮. ‬فهو عندها‮ ‬رأس مال الخَلب والتشويق وما من امرأة الا وتتمنى أن‮ ‬يكون لها عينٌ‮ ‬في‮ قفاها‮ لتكون ناظرة اليه ومتعهدة له دائما‮... ‬وانها حين تنظر الى‭ ‬عطفها‮ وهي‮ ‬ماشية او راقصة فما هو الا رمز الى ما وراءه‮. ‬وإن تَهَدْكُرها‮ ‬وتَبَهْكُنها هما أنشب مِصلاة ‬يعلق بها قلب الرجل‮...» (‬الساق‮: ٨٢٤)

مقاهي باريس

«وغاية من يقال في التنويه بباريس وفي تفضيلها ان فيها مواضع للشراب والقهوة ظريفة يجلس داخلها وخارجها الرجال والنساء متقابلين او متدابِرين. فهل لمجرد القعود على كرسي يُحكَم لها بالفضل وتشهر عند الخاصة والعامة من أعصر متعددة بأنها اجمل مدينة في العالم؟ (الساق: ٦٣٨)

الباريسيات

«‬انهن‮ ‬يتكلمن بالغنّة والجنّة والنشيج‮ ... ‬حتى‮ ‬ينتشي‮ ‬السامع فلا‮ ‬يعلم بعد ذلك هل هن‮ ‬يفككن أزراره او فقاره‮» (‬الساق‮: ٤٢٦)

ــ «‬ان الفرنساوية أشدّ‮ ‬الناس شبقًا‮ ‬الي‮ ‬البعال وأقرمهم الى السفاح‮.»

‬ــ «‬إن المُحِدّ‮ ‬عند الإفرنج مطلوبة للرجال مرغوب فيها بمنزلة‮ العروس‮. ‬إذ الفحول‮ ‬يتزاحمون على تسليتها وتلهيتها لعِلمهم بما تحت‮ ‬ذلك السواد‮... ‬فكأن لابسة الحِداد تحدّ‮ ‬شهوة الناظر اليها إذ‮ ‬يرى عليها آثار‮ ‬الحزن والكآبة والإنكسار وهو أشوق ما‮ ‬يكون في‮ ‬النساء‮» (‬الساق‮: ٣١٦ )

‬ــ «‬والنساء أشوق ما‮ ‬يكون اذا بكين‮. ‬ولكن لا‮ ‬يكن كلامي‮ ‬هذا باعثًا‮ ‬على ضربهن‮. ‬شُلَّتْ‮ ‬يدا من مَسّهن عن‮ ‬غضب‮». (‬الساق‮: ٩٥٤)

تونس، رجالا ونساء

«قد أعجبني في زي الرجال في تونس ان سراويلهم قصيرة بحيث تظهر سيقانهم. فأما النساء فسوقهن بادية ولا شيء يستر حقائبهن. فترى المرأة تمشي في أوان الحر وثوبها يشفّ عما تحته من مكبّب ومقبّب. فقالت: بودّي لو كان زيّ النساء كهيئة أجسامهن. قلت هذا يكون فاحشا من وجهين.» (الساق: ٥٧١)

في غرائب مومسات مالطة

‮«...‬حتى ان الزواني‮ ‬في‮ ‬هذه الجزيرة متهوّسات في‮ ‬الدين‮. ‬فإنك تجد‮ ‬في‮ بيت كل واحدة منهن عدة تماثيل وصور لمن‮ ‬يعبدونه من القديسين‮ ‬والقديسات‮. ‬فاذا دخل الى إحداهن فاسق ليَفْجُرَ‮ ‬بها قَلَبَتْ‮ ‬تلك التماثيل‮ ‬فأدارت وجوهها الى الحائط لكيلا تنظر ما تفعله فتشهد عليها بالفجور‮ ‬يوم النشور‮.» (‬الساق‮: ١٣١ــ١٣٢)

... وفي فنون مومسات باريس

«‬فأما في‮ ‬الحب فمنهن من تريد على صفات المدقم الصفة‮ ‬التي‮ ‬ذكرها أبو نواس في‮ ‬الهمزية‮. ‬ومنهن من‮ ‬يؤثر التجضّم الكمري‮ ‬او‮ الامتلاج القنبي‮. ‬وأكثر الناس حرصًا على هذا الشيوخ المحنكون‮. ‬فإمصاصهم وتبظيرهم ليس من السَبّ‮ ‬في‮ ‬شيء‮. ‬ومنهن من تجمع بين‮ ‬اللّذتين الخرنوقية والفنقورية ولها سعران‮. ‬ومنهن من تزيد على ذلك ما‮ أراد الشيخ جمال الدين إبن نباتة من شوص الفرخ وله ثلاثة أسعار‮. ومنهن من تزيد عليه الَشوص بالأخمصين وله أربعة‮. ‬ومنهن من تمكّن من‮ ‬قفط النَودليَن وثَغْر ما بينهما مجرّدا‮. ‬ومنهن من تضيفه الى اللذتَين‮ ‬المذكورتَين مع شوص الفرخ بأنامل وأخامص وهو اغلى ما‮ ‬يكون‮. ‬ومنهن‮ ‬من تتفاحل على أخرى مثلها‮. ‬ومنهن من تتعاطى الحِرفة التَتْرُسية وهو‮ قرع التِرس بالتِرس‮.» (الساق: ٧٢٦)

٣ المخبّأ

فلاحوهم أسوأ حالا من فلاحينا

«قد كنت احسب ونحن في الجزيرة [مالطة] ان الانكليز احسن حالا وانعم بالا. فلما قدمنا بلادهم وعاشرناهم اذا فلاحوهم اشقى خلق الله. انظر الى اهل هذه القرى التي حولنا وأمعِن النظر فيهم تجدهم لا فرق بينهم وبين الهمج. يذهب الفلاح منهم في الغداة الى الكد والتعب ثم يأتي بيته مساء فلا يرى احدا من خلق الله ولا يراه احد. فيرقد في العشاء ثم يبكر لما كان فيه وهلم جرا. فهو كالآلة التي تدور مدارا محتقنا فلا في دورانها لها حظ وفوز ولا في وقفها راحة. فاذا جاء يوم الاحد وهو يوم الفرح واللهو في جميع الاقطار لم يكن له حظ سوف الذهاب الى الكنيسة. فيمكث فيها ساعتين كالصنم يتثاءب ساعة ويرقد اخرى ثم يعود الى بيته» (الساق: ٥٩١)

سبب بؤس الفلاحين

«وسبب فرط فقر الفلاحين هنا هو كون الارض قد دحاها الله تعالى لأن تكون ملك الامراء والاشراف فقط فيستأجرها منهم أناس مأمونون ويستخدمون بعض الفلاحين في حرثها واستغلالها... وعدد ملاك الارض في انكلترة نحو ستين الف عيلة لا غير. وقلما يذوق هؤلاء [الفلاحين] المساكين اللحم. فجُلّ أكلهم الخبز والجبن. فجزار القرية لا يذبح شاة او بقرة الا مرة في الاسبوع. ولا يبيع من اللحم الا نصف رطل او ربعه.»

حيّ «سيتي» في لندرة

«وبقي الآن هنا ان أقول إن هذا الخط الفريد هو مركز الاشغال العظيمة والمبايعات الجسيمة لاغنياء تجار الانكليز. فما من بناء فيه إلا وهو مصدر للحركة والعمل. وما احد يخطو فيه الا للكسب والشغل، ولا يتحرك بن لسان إلا للنفع والفائدة. ولا تطلع عليه شمس ولا يوقد فيه نور الا للسعي. ولا يخلج صدر مخلوق خاطر الا للتحصيل والاقتناء. فترى كل واحد من اهله فاتحا عينيه وفميه لاكل الدينا وما فيها...وليس من قطر في الدينا الا ويمده اهل الخط بالبضاعة والمهمات.» (كشف المخبا: الاعمال المجهولة، ٢٠٢)

... صنّاعها قائمون بالدنيا وهم منها محرومون

«فإذا دخلت قصور الملوك وطفت في اسواق المدن وعاينت ما فيها من الصنائع البديعة والتحف العجيبة والآلات الظريفة والفرش النفيس والثياب الفاخرة والاواني المحكمة ولا سيما مدينة لندن، علمتَ ان صنّاعها هم القائمون بالدنيا وهم منها محرومون فإن دأب الصانع كدأب الفلاح من جهة انه يشقى ويكدّ النهار كله ولا حظّ له في الليل سوى إغماض عينيه. فكيف يزيّن هذا الصنف من الناس هذه الدنيا ويبهجونها ويعمّرونها وهم عطل عنها ومحدودون منها. والمترفون فيها لا يحسنون عمل شيء وربما لم يكونوا ايضا يحسنون الكلام.» (الساق: ٥٩٢)

بين الجنّة والجحيم

«فليس بين الجنة والجحيم في هذه المدينة بُعد ما بين الجنة والجحيم في الآخرة. وهاك مثالا على َسقر لندرة. قال في بعض الصحف ان مائة وثمانين نفسًا ما بين رجل وإمرأة وولد يسكنون في اربع وثلاثين حجرة. وفي «أخبار الكون» كان يمكث في حجرة واحدة من اربعة عشر نفسا الى عشرين ليلا نهارا. وكان يسكن في حجرة اخرى رجلان مع زوجيهما وأرملتان وثلاث بنات عزب وثلاثة اولاد فجملتهم اربعة عشر نفسا قد جعلوا أنفسهم عيلة عيلة كل عيلة تبوأت زاوية من حجرة. ... فإنه وجد فيها ٢٠٨ اولاد قد أدركوا ولم يدخل منهم المكتب سوى ثمانية وثلاثين فقط. وهم غارقون في الفساد والخساسة والقذر والوباء. [...]

وكثيرا ما ترى النساء يمشين في الشتاء حافيات ويلتقطن الجذور وفتات الخبز. غير مرة رأيت رجلا في ذراعه طفل وإمرأته بجانبه صفراء منجردة على عتبة احدى الديار في اشدّ ليالي الشتاء بردا. وفي كل سنة يبقى ألوف من ذوي الحرف معطّلين. [...] والحاصل انه لا فقير اشقى من فقير لندرية كما انه لا غني أترف من غنيّها. وكما ان طرف لندرة من جهة الشمال موسوم بحَضرة الكُبَراء كذلك كان طرفها الجنوبي مختصًّا بأهل الضعة والخمول. فلا ترى هناك شيئا يعجبك غير حُسن النساء فإن الله تعالى جعل لهن هذا النصيب عامًا.» (كشف المخبا: الاعمال المجهولة، ١٩٧ــ١٩٨)

في الاستغلال

«كيف بُني هذا العالم على الفساد. كيف يشقى فيه الف رجل بل ألفان ليسعد رجل واحد. واي رجل. فقد يكون له قلب ولا رحمة. ويدان ولا عمل. ورأس ولا رشد ولا نهية.(الساق: ٥٩٥)

في بغاء المراهقات

«‬وكم لعمري‮ ‬من بنت حبلت أول مرة من مباديء شوطها‮ ‬في‮ ‬ميدان العهر‮. ‬ثم أسقطت جنينها خوف الفقر‮. ‬وإن منهن لمن‮ تلد في‮ ‬طرق المدينة في‮ ‬ليالي‮ ‬الشتاء الباردة لعدم مأوى لها‮. ‬او‮ أنها تبيت مع بنت أخرى على‭ ‬فراش واحد وهي‮ ‬عادة مستفيضة‮. ‬وذلك‮ لعدم قدرتها على ان تستقلّ‮ ‬بفراش وكنّ‮ ‬لها‮». (‬الساق: ٥٩٣ــ٤)

٤ اللغة والمرأة

ــ «‬لا مزية للرجل على المرأة في‮ ‬شيء‮» (‬الساق‮: ٥٧٥)‬

ــ «‬اية امرأة ترضى ان تقعد في‮ ‬بيتها كالفَرَس المسرّج المـُعَـدّ‮ ‬للركوب وهي‮ ‬محرومة من معاشرة

الناس؟‮» (‬الساق‮: ٩٥٤)‬

ــ «قالت: كنت أسمعك تحكي عن بعض الائمة ان عقول النساء في فروجهن. وقد أرى نساء هذه الدنيا الصغرى عقولهن في أدبارهن. قلت: فسّري لم أفهم ما أردتِ.» (الساق: ٥٢٣)

الإسم والفعل

«ثم إتفق بعد مدة أن قدم الى الجزيرة السيد المعظم سامي باشا المفخم المشهور بالمناقب الجميدة. وكان للفارياق دالّة عليه فسار اليه ليهنئه بقدومه. فكلفه المشار بأن يمكث عنده مدة الاعتزال فأخبر زوجته بذلك. فقالت له: كم مرة اقول لا خير في الاعتزال قال لا بأس به اذا كان مع امير فإن شرف الاسم يكفي.

قالت: لا يغني الاسم عن الفعل شيئا. قال: فقلت بل إجتزا به كثير قالت: أمع جارٍ له.

قلت: لا ادري.

قالت: لو كان الاسم يغني لكانت المرأة تكتب على موضع من جسمها لفظة امير.

قلت: اعوّض ما يمضي. قالت: وإلا فإمض على العوض. قلت: ما اعجل النساء. قالت: وما احبّهن للإبطاء. قلت: قد كنت اود لو ان الله خلقني إمرأة او انه يصيرني إمرأة اما الآن فلا اريد إذ لا صبر للنساء كالرجال. ومن يعش في هذه الدنيا فلا بد وان يكون صبورا.

قالت: لو لم تكن النساء أصبر من الرجال ما كنّ يعّمرن في الارض اكثر منهم على ما يلحقهن من اوجاع الحبل والولادة.

قلت: ليس هذا هو السبب وانما هو ان الصالح من الناس لا تطول حياته على الارض بخلاف الطالح. قالت: هل في الرجال صلاح وما من فساد إلا والرجال يختروه. هل تفسد الاناث في الاناث ما تفسده الذكور في الذكور. وهل يفسد النساء غير الرجال.» (الساق: ٥٠١)

اللفظ الذي لم تعرفه العرب

[بعد ان يروي لها عدة افعال تؤدي معنى النكاح] «ثم اني فهمت من فحوى كلامك ان هذه الافعال في لغتنا الشريفة اكثر من ان تعدّ. وان اكثر المعاني قد وضع له فيها الفاظا كثيرة تسمّيها العلماء إردافية على ما ذكرتَ لي سابقا. قلت: لم اقل لك هذا وانما قلت مترادفة. وان هذا الفعل بخصوصه له اكثر من مايتي لفظة. فكل لفظ دل على دفع او نهز او ضغط او ادخال دل عليه ايضا. قالت: فهل تستطيع ان تذكر لي حرفا يدل بالخصوص على الامتناع عن النساء عفّة وتقوى. قلت: لم يمرّ بي هذا حرف بهذا المعنى وإلا لحفظته فإني مولعٌ بحب الحروف النسائية. والظاهر ان العرب لم تكن تعرف ذلك.» (الساق: ٥٠٤)

في حب المتزوجين غير أزواجهم

«ولو ان الناس سمعوا مثلا بأن امرأة متزوجة تحب غير زوجها لأنكروا عليها ذلك كل الانكار. واستفظعوه غاية الاستفظاع. فتطبّل به الطبول وتزمّر الزمور وتكتب الكتب. ولا يبقى في البلد احد الا ويروي عنها حكاية او ترّهة. فأما اذا سمعوا عن الرجل انه يحب غير زوجته فإنهم يحملون فعله على وجه مرضي ويعتذرون عنه بقولهم ان إمرأته غير زانفة. ... وغير ذلك من العيوب ولا يرون في فعله هذا سماجة. مع ان للمرأة اسبابا تحملها على الشطح اكثر من اسباب الرجل. قلت تفضلي بذكرها كي اجانبها. قالت اوّلها ما إذا لم يقم الرجل بوفاء حق زوجته. وهو حق الزواج الذي من اجله تترك اباها وأمها واهلها ووطنها وبلادها وغير مرة دينها. قلت اللهم لطفك وعصمتك ثم ماذا. قالت ومنها اهماله امورها وقلة اهتمامه بما فيه راحتها وإنشراح صدرها وتطييب خاطرها...» (الساق: ٥٠٢ــ٥٠٣)

ذكورية اللغة‮

«‬ليس في‮ ‬لغتنا هذه الشريفة ولا في‮ ‬لغة أمّة اخرى من الامم لفظة‮ تدلّ‮ ‬على فاعل ومفعول او فاعليَن إشتركا في‮ ‬فعل واحد للذتهما‮ ونفعهما‮. ‬وإحتاجا الى من‮ ‬يدخل عليهما ليتعرّف منهما اي‮ ‬رفع ونصب‮ ‬يجري‮ ‬بينهما‮. ‬وبيانه ان لفظة الزواج عندنا معناها ضمّ‮ ‬واحد الى آخر‮ حتى‮ ‬يصير كل واحد منهما زوجا لصاحبه‮... ‬اما لفظ النكاح فمعناه‮ ‬إحراز‮ ‬إمرأة على اي‮ ‬وجه كان‮» (‬الساق‮: ٧٧٢ ).‬

الفارياقية:‬ «‬وإن اللغة انما وضعوها إستبدادًا‮ ‬منهم عن النساء وإفتئاتًا‮ ‬كما هو‮ دأبهم في‮ ‬غير ذلك‮. ‬مع ان اللغة أنثى‮. ‬ولو كانت من وضع النساء‮ ــ ‬وهو‮ الأولى إذ كل إنتاج ووَضْعٍ‮ ‬لا بدّ‮ ‬له من ماهية أنثوية ‮ــ ‬لكُنّ‮ ‬وضعنَ‮ ‬ألفاظًا تدلّ‮ ‬على مَن لا‮ ‬يفكّر في‮ ‬غير إمرأته‮» (‬الساق‮: ٤٧٥).‬One dot:

في البَوْس

وكان في المجلس شابٌ من الانكليز يناغي احدى بنات الفَرضي وهو آخذ بيدها. ثم جعل يبوسها بحضرة أمها والزائرين. فإصفرّ وجه الفارياق وإحمرّ وجه زوجته وبرقت أسرّة الام. فقالت الفارياقة لزوجها كيف يبوس البنت هذا الفتى وما يستحي منّا. فقال لها ليس البَوس عند الافرنح مما يعاب…

قالت ما اجهل من ظنّ انّا لا نعرف هذه الصنعة في بلادنا. قال ما اجهل من ظن هذا فان القبلة عندنا لا تكون إلا مع زفير وتنهّد ومصّ وشمّ وتغميق العينين. فأما هذا فإني أراه يرفّ خلواً من إحساس فعل المستخّف بما تحت يده. قال قد يظهر لي في القاموس ان المكافحة والملاغفة والمثاغمة واللثم والفغم والكعم والتقبيل انما هو بوس الرجل المرأة في فمها او إلتقامه له بمرّة. فقالت حيّى الله العرب أئمة القِبلة والقُبلة. فإن تقبيل الجبين كما يفعل هؤلاء لا معنى له. ولكن لمَ كان التقبيل في غير الفم والخدّ خاليا عن اللذة التي يحسّ بها المقبّل في هذين الموضعين؟ قال لأن الظمآن لا يرتوي من وضع فمه على اعلى القلّة او على جنبها. قالت فعلى ذِكر الظمأ لِمَ تصف الشعراء الريقَ مرة بأنه حلوّ ومرة بأنه يروي الظمأ وهو خُلف؟ قال لعل ذلك من مشكلات الشِعر او من معضلات النساء.

قالت فعلى ذكر المشكلات والمعضلات هل يستطيع العاشق شرب الرضاب من غير الفم؟ قال أما عند بعض العرب فلا يبعد وأما عند الافرنج فينكرونه حتى من الفم. بل لا يعرفون له إسماً غير البصاق.

العدد الثاني - صيف ٢٠١٢
اللامع الناقد الفاسق الساخر الاباحي الاشتراكي

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.