العدد الأول - شتاء / ربيع ٢٠١٢

الناس العاديون في السياسة

آصف بيات

النسخة الورقية

«الحياة بما هي سياسة» لآصف بيّات مجموعة محاولات نشرت سابقا خلال العقد الاخير. ينجم عنها سرد متساوق يركّز على الحياة اليومية بما هي محور التغيير الدينامي في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في الشرق الاوسط الحديث. تتحدى مقاربة بيات المنظورات «الاستثنائية» و«الاستشراقية» (مقولة هانتنغتن عن «صدام الحضارات» مثلا) التي تختزل الشرق الاوسط الى منطقة مرصوصة البنيان في كيان «ساكن اساسا وبالتالي شاذ» (ص ٣). تنظر تلك المقاربات الى الشرق الاوسط وفق مقاييس الاستمرارية التاريخية بدلا من مقاييس التغيير التاريخي. من هنا عملها على تغميض الدور النابض بالحياة الذي تلعبه الحركات الاجتماعية والاقتصاديات السياسية او الاستخفاف منه. لذا يحاجج منظرو «الاستثنائية» بأن التغيير يمكن بل يجب ان يأتي من خارج ما دامت المنطقة تفتقر الى حوامل التغيير والى تحدي الامر الواقع المتكلّس الذي تعيش.

نُشر كتاب بيّات العام ٢٠١٠ عشية الانتفاضات العربية التي بدأت في تونس وانتقلت الى مصر وما تعداها. ينقسم الى ثلاثة اقسام: اللاحركات الاجتماعية، سياسات الشارع والشارع السياسي، ويختم بمحاججة حول المسارات بعد الاسلامية. يزودنا المؤلف بعدسات تحليلية ثاقبة لفك رموز التيارات والعمليات التاريخية التي ادت الى الانتفاضات العربية ولتعيينها بالعين. يعرّف سياسات الاحتجاج و«اللاحركات» الاجتماعية بما هي «المحركات الاساسية لانتاج تغيير ذي معنى في الشرق الاوسط» (ص ٥). ويطرح ان الثورة الايرانية العام ١٩٧٩ هي الذروة في السياسات الاسلامية ويخلص تحليله الى بزوغ ما يسميه «البَعد اسلامية» التي تمثل حالة ومشروعا في آن معا. يمثل هذا المشروع جهدا لـ«دمج التديّن مع الحقوق، والايمان مع الحرية، والاسلام مع التحرر، ويسعى الى قلب اركان الاسلام رأسا على عقب بالتشديد على الحقوق بدلا من الموجبات، وعلى التعدد بدلا من الصوت المرجعي الاوحد، وعلى التاريخانية بدلا من النص المقدس الجامد، وعلى المستقبل بدلا من الماضي» (ص ٢٤٣). والحال ان المكونات المتنوعة لـ «البعد اسلامية» تدمج الاسلام مع الاختيار والحرية الفرديين. كيف يصل بيات الى مثل هذا الاستنتاج؟

تأثير اقتصاديات العولمة

كان لاقتصاديات العولمة وقعها العميق على المجتمعات بعد الكولونيالية إذ افتتحت مسارا مزدوجا: الاندماج بالسوق العالمي، والتهميش الاجتماعي للفقراء وابناء الطبقة الوسطى المدينيين على امتداد الشرق الاوسط. في عهد النيوليبرالية، تفقد الدولة قدرتها على ممارسة السياسات التوزيعية، ولكنها لا تزال تسعى للحفاظ على احتكارها غير المتنازع عليه للسلطة وللقسر. يسمي بيات تلك الدول «الدول الرخوة» التي فقدت القدرة على فرض السيطرة الكاملة. من هنا تعجز الدولة عن حل المشكلات الناجمة عن التمدين المتسارع كأزمة الاسكان وتشغيل الفقراء والتضخم في عدد الشباب. في المقابل، يأخذ الفقراء أمورهم بأيديهم. يخلقون الاعمال في القطاع غير الرسمي الذي يحيد عن رقابة الدولة والسوق الرسمية معا. ويتدبرون السكن عن طريق احتلال الاراضي وتعميرها. ان اعمال فقراء المدن هذه ليست تعادل سياسات الاحتجاج «ولكنها سياسات ... تصحيح من خلال الاعمال المباشرة والمتنوعة» (ص ٢٠). هكذا يمكن النظر الى فقراء المدن في القاهرة وطهران وسائر مدن المنطقة على انهم يشكلون «لاحركات» لأنهم يساهمون في «اعمال جماعية لفاعلين غير جمعيين» (ص ١٤). هؤلاء الافراد المهاجرون من الريف ينزلون الى الشارع ويحتلون الارصفة لتنمية اعمالها في التجارة الصغيرة. وهم ينجحون هكذا في خلق اقتصاد خارجي وغير رسمي لتأمين بقائهم على قيد الحياة. يعرّف بيات تلك الممارسات فقراء المدن تلك على انها «الانتهاك الهادئ للاحوال العادية» يمنح الفقراء المدينيين بعض القوة للتأثير على حيواتهم وبالتالي التأثير في سياسة الدولة.

 

لاكتناه افعال اللاحركات والاقوال، لا يرتضي بيات بحدود التحليل البنيوي الشامل. لكي يفهم المشاعر الجمعية للناس العاديين (اللاحركات) يرسم تخوم اقوالهم وممارساتهم اليومية المعبر عنها في الفضاءات العامة بالذات. غير أن هذه التعبيرات ليست موجودة في بيانات الاحزاب السياسية او الجماعات الدينية الرسمية. يتبينها مما يجري في الفضاءات العامة يوميا. يستمع ويسجل ما يسمع في سيارات التاكسي والحافلات والمتاجر وعلى الارصفة وفي التظاهرات الجماهيرية. ان آصف بيات هو الاثنوغرافي المديني السياسي بامتياز.

ان النضالات اليومية او مدى الاعمار لـ«العناقيد الاجتماعية الطافية» هي بالنسبة لبيّات «تقدم الناس العاديين الصامت والمديد ولكنه المتوسع باستمرار» (ص ٥٦). وتضم تلك العناقيد الاجتماعية المهاجرين واللاجئين والعاطلين من العمل والعاملين بدوام جزئي وسكان المساكن غير الشرعية والباعة على العربات واطفال الشوارع وسواهم من ابناء القطاعات المهمشة. وقد نمت تلك العناقيد معا جزئيا بسبب وقع العولمة الاقتصادية او السياسات النيوليبرالية.

يقاوم الاناس العاديون الدولة بطريقة هادئة. يضيفون غرفا إلى بيوتهم دون ترخيص رسمي من الدولة. ويحتل ملايين الباعة اماكن مدينية متميزة لبيع منتجاتهم، دون حيازة رخص لذلك. وموظفو الدولة واصحاب المهن الحرة يستشعرون الاثار السلبية للنيوليبرالية هم ايضا. فمثلا، يلجأ الاساتذة الى اعطاء الدروس الخصوصية، فيخلقون بالتالي شبكة من نشاطات «التعليم الخاص غير الشرعي الواسع النطاق» كانت تنتج حوالي ثلاثة مليارات دولار سنويا في مطلع الالفية الثالثة اي ما يعادل ٢٥٪ من مداخيل الاسر المصرية (بيات ص 57 ــ 58). وليست تشكل هذه الممارسات «سياسات احتجاج بل هي سياسات تصحيح» تسعى اولا الى اعادة توزيع المنتجات الاجتماعية وتسعى ثانيا الى الاستقلال الذاتي الثقافي والسياسي «عن قواعد ومؤسسات الدولة وعن الانضباط الذي تفرضه» (ص ٥٩). ولعل الاهم هو انه يمكن فهم النضالات الفردية لتلك الجماعات على اتم وجه بما هي نضالات من «اجل نيل المواطنة المدينية ومن اجل تحويل البيئة الحضرية» (ص ٥).

«فن الحضور» وقوته

يعرّف بيّات دور العناقيد الاجتماعية المختلفة على انه ممارسة «فن الحضور». ينم ممارسوها عن «قوة حضور» تتجلى في قدرتهم على «فرض الارادة الجمعية بالرغم من المصاعب، بالتحايل على العقبات، واستخدام ما تيسّر من الوسائل، واكتشاف فضاءات حرية جديدة لكي يسمِع المرء صوته ويُرى ويحسس الآخرين بوجوده ويحقق ذاته» (ص ١٢٢) ويركّز بيات هنا بنوع خاص على النساء والشباب وعلى سياسات المرح المرتبطة بالفئتين.

آصف بيات: الحياة بما هي سياسة. كيف يغيِّر الناس العاديون الشرق الأوسط, 2010.

Assef Bayat: Life as Politics: How Ordinary People Change the Middle East, Stanford, California: Stanford University Press, 2010.

لقد غذى الاسلام النشاطية النسائية في الشرق الاوسط. يلاحظ بيات ان النساء في جمهورية ايران الاسلامية، تستمد حقوقها من النصوص والتلاوات الاسلامية. الا انهن يردن ايضا تعاطي الرياضة وتأمين اعمال اكثر ثباتا ومتابعة الدراسة والاستماع الى الموسيقى «والزواج بمن يخترنه ورفض اللامساواة الخطيرة بين الجنسين» (ص ١٠٣). تلك افكار تتبنّاها نساء يحتلين وظائف عامة. الا ان المقاربة المجردة للنساء الاسلاميات تفشل في تمكين رغبة المرأة من الاختيار الشخصي داخل اطار اسلامي. في ذلك الاطار، ظهرت النسويات البَعد ــ اسلاميات لتقديم تأطير بديل. فقد أمّنت اللاحركات النسائية اصلاحات لافتة في مجالات التعليم والتشغيل وقانون الاسرة. فمثلا، جرى الحد من تعدد الزيجات الى حد لافت، وجرت أبلسة زواج «المتعة» (بيات ١٠٧). ومن خلال «فن الحضور» و«الانتهاك الهادئ» انتزعت النساء تنازلات من الدولة. والحال انهن قد خرّبن «القسمة التقليدية بين الرجل بما هو العام والمرأة بما هي المجال الخاص»، وتحولن الى لاعبات عامات من خلال قوة حضورهن. في مطلع التسعينات من القرن الماضي، نشأت تلك الحركة بما هي حركة اجتماعية وليدة ما لبثت ان لعبت دورا هاما في تعبئة النساء خلال انتخابات حزيران/يونيو ٢٠٠٩ وفي «الحركة الخضراء» للحقوق المدنية والسياسية. ذلك ان الحركات الاجتماعية، بفضل كونها علنية ومكشوفة، اوفر حظا في ان تتعرّض للقمع الرسمي. ومع ذلك، «تبقى اللاحركات هي الخيار النقدي الاوفر، لأنها جهود جمعية متوارية، ومرنة، ومبعثرة ومع ذلك قادرة على الانتهاك» (ص ١١٤)

ابرزت انتفاضات العام ٢٠١١ اهمية الشباب بما هو طاقة مهملة وقابلة للفعل من طاقات الالتزام السياسي والاجتماعي. يجادل بيات بأن الشباب مقولة اجتماعية حديثة وانهم ظاهرة مدينية بالدرجة الاولى: «المدن، بما هي مواضع للتنوع والابداع والتواري تقدم للشباب فرصا لاستكشاف شخصيات بديلة يتماهون بها وخيارات بديلة وتوفر لهم مسارات بديلة للتعبير عن فرديتهم» (ص ١١٩). وبما هم منخرطون في لاحركات، يخلق الشباب شبكات في ما بينهم ويعبرون عن انفسهم من خلال الازياء (البلوجينز والتي شيرت). وهؤلاء الشباب متدينون اساسا. ولكن بيات يلاحظ ان «الجسم الرئيسي من الشباب يجمع بين الصلاة وبين تنظيم الحفلات الراقصة ومشاهدة الصور والافلام الاباحية ومثلما يجمع بين الايمان والمرح» (ص ١٣٣). ويؤكد مارك ليفاين بدوره تلك الملاحظات في كتابه الخلاق «معدن الاسلام الثقيل: موسيقى الروك، المقاومة والصراع على روح الاسلام، ٢٠٠٨». فلا عجب إذا ان يستمتع بعض الشباب المؤمن بموسيقى الروك، وباحتساء المشروبات الكحولية، وبالسعي الى المغامرات العاطفية. فالحال ان هؤلاء الشباب يحاولون الملاءمة بين شبابهم واسلامهم، «عن طريق ظروف سياسية واقتصادية، تشكل السمة الرئيسية للبيئة الشبابية المسلمة».

ابتداء من اواسط سنوات الالفين، تمكن الشباب المصري ــ مستقويا بوسائل الاتصال الاجتماعية ــ من ايميل و«بلوغ» وخصوصا فايسبوك ــ من ان يكتسب القوة على التعبئة الجمعية. غير ان هذه القوة لم تمارَس في الشارع وانما مورست على شاشات التلفزة. تشابك شبان يقارب عددهم السبعين الفا لتأسيس «حركة ٦ ابريل». لم تقتصر مشاغلهم على مطالب شبابية، فقد نظموا الحملات ضد الفساد والقمع السياسي والركود الاقتصادي والمحسوبية. وبدلا من ان ينتظروا الفرص السياسية السانحة، سعوا الى استيلادها.

سياسات المرح

المرح منظومة من المساعي المرحة تتضمن الرياضة والمزاح والرقص واحتساء المشروبات الكحولية جماعيا، والفن والموسيقى والجنس. باختصار، المرح «مجاز للتعبير عن الفردية والعفوية والخِفّة، يحتل فيه الفرح المركز الرئيسي» (ص ١٣٨). يخصص بيات فصلا ممتعا لسياسات المرح. يتساءل «لماذا يحمل الاسلاميون الطهرانيون كل هذا العداء تجاه المرح والفرح؟» (ص ١٣٧) في الثمانينات من القرن الماضي، كان الطلبة الاسلاميون، الذين سيطروا على المدن الجامعية، يمنعون انعقاد حفلات العزف الموسيقي، ومشاهدة المسرحيات، ويحاولون منع الاختلاط بين رجال ونساء. الى هذا حرّموا الرقص والموسيقى، الكلاسيكية منها والشعبية على حد سواء. بل ان جماعات اسلامية متشددة عملت على اقفال حوانيت الفيديو وصالونات الحلاقة. أعتبروا ان كل هذه النشاطات منافية للثقافة الاسلامية. ووصف الملحق الاسبوعي لجريدة «الاهرام» المقاهي التي يرتادها الشباب على انها «اوكار للمخدرات والمشروبات الروحية والرغبات الجنسية والزيجات العُرفية» (ص ١٤٠). تتشارك الدولة مع السلطة الاخلاقية السياسية الاسلامية في الخوف من المرح لانه يسمح بالتعبير الذاتي (الذات، المجتمع، الحياة). لذا فإذا ترك المرح دون ضبط، فسوف يخرب السلطةَ العقيدية ويشكك بالتالي في شرعيتها. من هنا ان الخوف من المرح هو في حقيقته «خوف من الخروج عن الاطار الفكري الذي يؤطر سيطرة انماط معيّنة من السلطات الاخلاقية والسياسية ويديمها» (ص ١٥٥).

استعادت الانتفاضات

العربية للعام ٢٠١١ كافة عناصر المرح من خلال الموسيقى والرقص والرسم والتصوير والكثير غيرها. كان لكل انتفاضة شعراؤها الشعبيون الجوالون، مثل رامي عصام في القاهرة. وقد صرح رضا الزين، وهو احد مؤسسي الفضاء المغربي «للمعدن الثقيل» [منوع من موسيقى الروك عنيف ومدوٍّ] «اننا نعزف موسيقى المعدن الثقيل لأن حيواتنا باتت معدنا ثقيلا». وهو يعني بذلك ان حياتهم قاسية، وان الفساد يستشري، والركود الاقتصادي يتفاقم، واللاتسامح يتزايد. في العراق، تشكلت فرقه «اكراسيكودا» للمعدن الثقيل. ويمكن فهم ارتفاع اصوات موسيقاهم ونبرتها الغاضبة كمحاولة منهم لاغراق اصوات الدولة القمعية المدوّية. تتشارك تلك الامثلة الهامشية لالقاء الضوء على حاجة الشباب الى الهرب من قساوة الحياة لكي يتخيلوا مستقبلا بديلا افضل.

من خلال فن الحضور والانتهاك الهادئ والشارع السياسي اسهمت اللاحركات الاجتماعية في توسيع الفضاء العام للتعبير والاحتجاج. ويعتقد بيّات ان الثورات الاسلامية لا مستقبل حقيقيا لها. ويتوقع بدلا من ذلك نمو «انحسارات بعد اسلامية». قد يبدو هذا الزعم غريبا نظرا لنتائج الانتخابات في تونس ومصر. اومع انه يرى الى البَعد ــ اسلامية على انها حالة ومشروع في آن معا. «لكنها ليست معادية للاسلام ولا هي لااسلامية او علمانية» (ص٢٤٣) فبعد العديد من الاختبارات، تحتاج المذاهب الاسلامية الى ان تعيد اختراع ذاتها، بالتشديد على التدّين وعلى الحقوق في آن معا. وما من شك في وجود غرائز متناقضة، غير ان الحديث الدائر الآن في تونس كما في مصر هو سرديات عن بناء الدولة واعادة تنظيمها تتجمع عند فكرة تأسيس «دولة مدنية». ان حركة النهضة في تونس وجماعة الاخوان المسلمين في مصر تؤسسان شرعيتهما الآن على الديموقراطية والحقوق والدستورية مثلما تؤسسانها على الشريعة. وهذا ليس نهاية الطريق بل البداية.

يصرف بيات السؤال عن الملاءمة بين الاسلام والديموقراطية. بديلا من ذلك يتساءل: «كيف وفي اية ظروف يمكن للمسلمين ان يجعلوا الاسلام يعتنق الروح الديمقراطية» (ص ٢٤٢). من خلال تعيينه الممارسات اليومية على امتداد الشرق الاوسط يرسم تخوم الطاقات المتوافرة للاحركات الاجتماعية كما للحركات الاجتماعية من اجل بناء مجتمع قائم على حقوق الافراد. هذا انجاز كبير. والقصة لا تنتهي هنا، ذلك ان آصف بيات قد اغنى فهمنا للتغيير في الشرق الاوسط من خلال تركيزه على الحياة اليومية.

العدد الأول - شتاء / ربيع ٢٠١٢
آصف بيات

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.